ماذا يعني أن يصدر منذ شهور مضت قانون يمنع اشتغال الرجال في المحال التجارية التي تسوق مستلزمات النساء، ثم يصدر هذا القانون الأكتع الذي يحظر عمل المرأة بعد الثامنة مساءً؟ ماذا يعمل هؤلاء التجار ممن لايستطيعون توظيف الرجال في مؤسساتهم التي تهم النساء ولا تشغيل للنساء بعد الثامنة؟ تشكلت الحكومات الأخيرة في الكويت، وهي تحمل شعاراً واحداً وأساسياً لم تحد عنه، وهو (شعار الإصلاح)، كمواطنين سعدنا لسماعه وتحمسنا لمساندته واصطف كثير من نواب مجلس الأمة لمؤازرته ومناقشة بنوده، وبدأنا نرقب ونأمل نتائجه.. ولكن ياللهول بعد طول انتظار اختطف مجلس الأمة هذا المشروع، وبدأ بعض أو جل أعضائه، خاصة نواب الكتلة الإسلامية في وضع بنود أجندته نيابة عن الحكومة التي صفقت ووافقت، صاغرة أو راغبة، على هذه البنود التي توالت تباعاً، وجلها ما يدور حول المرأة والحفاظ عليها من نفسها ومجتمعها ـ أليست المرأة في عُرف هؤلاء النواب، هي السبب في جميع مشاكل المجتمع وخطاياه ـ ولعل أكثر تلك البنود هولاً وإيلاماً القانون الأخير الصادر من لجنة شؤون المرأة، الذي وافق عليه المجلس والحكومة معاً بالإجماع ـ لاحظوا بالإجماع ـ وهذا القانون في مادته الأولى يحظر عمل المرأة بعد الساعة الثامنة، وتستثنى بعض المستشفيات والمصحات والمؤسسات التي يصدر بها قرار من وزارة الشؤون. والآن ذهبت السكرة وأتت الفكرة... ماذا يعني هذا القانون؟ وما القراءة الصحيحة له وليست قراءة المزايـــدة والتكـسب النيابي أو تحقيق النقاط من قبل المجلس أو الحكومة؟ إن القراءة الوحيدة في هذا التوجه المحموم للتضييق على المرأة في كسب اللقمة الحلال بدعوى الحفاظ عليها حتى من مزاولة أشرف المهن وأنبلها.. ألا تفتح بعض دور العلم والجامعات أبوابها بعد الثامنة، وبعد أن يفرغ الكثير من أعمالهم وينتظمون في دراسـاتهـم تعلمهم المرأة أو تتابع أمورهم الإدارية في هذه المؤسسات؟ ألا تعقد الاجتماعات في معظم دوائر الأعمال، وحتى مجلس الوزراء ولجانه بعد الثامنة؟ ألا تستقبل الفنادق والمطاعم والمحال زبائنها بعد الثامنة؟... والقائمة طويلة لتلك المهن الشريفة التي تستدعي وجود المرأة، فكيف بالله عليكم يحرم عمل المرأة بعد الثامنة؟ وهل سمعتم في أي دولة في العالم في نظمها قد شرعت مثل هذه القوانين؟! إن هذه القراءة ليست موجهة ضد المرأة فقط، بل هي تعني كذلك ضرب الاقتصاد الكويتي في الصميم بسحب المرأة من معظم أنشطته المفصلية في النشاط التجاري والخدمي التي تقوم عليه الكويت. وأسألكم بالله.. ماذا يعني أن يصدر من شهور مضت قانون يمنع اشتغال الرجال في المحال التجارية التي تسوق مستلزمات النساء، ثم يصدر هذا القانون الأكتع الذي يحظر عمل المرأة بعد الثامنة مساءً؟ ماذا يعمل هؤلاء التجار ممن لا يستطيعون توظيف الرجال في مؤسساتهم التي تهم النساء ولا تشغيل للنساء بعد الثامنة؟ هل يخلدون إلى النوم بعد الثامنة؟ هل وعت الحكومة كلفة هذا المشروع على الطبقة التجارية بعمومها في المحال والفنادق والمطاعم والمسارح وغيرها.. أم هي لا تستطيع إلا حساب الخمسين ديناراً في زيادة الرواتب؟ ألا يعني هذا القانون أن خللاً كبيراً سيصيب بعض المهن بعد أن شرع المجلس قبل ذلك منع فتح المقاهي والمطاعم بعد الواحدة ليلاً؟ بربكم دعونا نعمل جاهدين على احصاء تلك القوانين التي في ظاهرها الرحمة بالمرأة حتى نعي باطنها، الذي هو ضرب المرأة والاقتصاد معا، وها أنا أعدد لكم ثلاثة منها لندرك أن الهدف ليس المرأة وليس الاقتصاد، وإنما استهداف استمرار ازدهار هذه الدولة ووجودها، ولعل ما يؤرقنا كمواطنين ليس اقتصار اهتمام المجلس باستلقاء الرجل في جلسة مساج تقوم بها المرأة وإنما ركوع الحكومة ومعها الجميع تحت ضربات قانونية تقصم ظهر الدولة بتلك القوانين التي ظاهرها الاصلاح وباطنها التسلط والهيمنة.
مقالات
قانون أكتع... يتصدر أجندة الإصلاح
17-06-2007