فرض حريق مستشفى الجهراء المروع الذي اندلع امس الاول، نفسه على اجتماع مجلس الوزراء اليوم، في خضم التدافع النيابي نحو استجواب وزيرة الصحة د. معصومة المبارك. وقالت مصادر وزارية لـ«الجريدة» ان المبارك ستحضر اجتماع الحكومة لمناقشة اسباب الحادث، وقصور عملية الإخلاء والإنقاذ. وأوضحت ان الوزيرة التقت سمو رئيس مجلس الوزراء أمس الجمعة وقدمت إليه استقالتها، وأوضحت هذه المصادر أن المبارك أقدمت على تقديم استقالتها بعدما قررت تحمل المسؤولية السياسية كاملة عن حريق الجهراء. وأضافت ان رئيس مجلس الوزراء سيشكل لجنة وزارية في الحادث الأليم، وسيطلب من الوزراء المعنيين خطط الطوارئ في كل وزارة، من اجل تقييم خطة الطوارئ العامة للدولة، وإعادة النظر فيها بهدف تفعيلها، وأشارت إلى أن سموه سيضع مسألة إعادة ترتيب البيت الحكومي في أولوياته. وفي سابقة هي الأولى في الحياة البرلمانية الكويتية، على مدى أكثر من أربعة عقود، يقدم استجواب خلال عطلة مجلس الأمة، إذ قرر النواب وليد الطبطبائي وفيصل المسلم وخضير العنزي تقديم استجواب إلى وزيرة الصحة صباح اليوم أو غدا على أبعد تقدير، في حين قررت الحركة الدستورية الإسلامية في اجتماع عقدته في ساعة متأخرة من ليل أمس، وعلى لسان النائب خضير العنزي، اختياره ليكون ممثلاً عنها في الاستجواب، الذي من المقرر أن يكون من محورين، ويبقى معلقاً حتى عودة الحياة النيابية، نهاية أكتوبر ليناقش في نوفمبر. وأكد النائب الطبطبائي في تصريح لـ«الجريدة» أن عهد وزيرة الصحة لم يشهد أي تحسن في مستوى الخدمات الصحية، مشيراً إلى أنه قد أثار موضوع شركات صيانة المستشفيات في استجواب وزير الصحة السابق الشيخ أحمد العبدالله، لكن الوزارة لم تقم بأي شيء بهذا الصدد. وأضاف: «انتهينا من إعداد الاستجواب الذي أعلنّا أننا سنقدمه السبت أو الأحد على أبعد تقدير، وسنكشف عند تقديمنا له عن تجاوزات للوزيرة للقانون في ما يخص ملف العلاج بالخارج». وقال: «سبق أن طلبنا من الوزيرة الاستقالة لعدم قدرتها على تطوير الوزارة والنهوض بالقطاع الصحي، إذ لم نلمس أي بوادر بهذا الاتجاه، إلا أننا اليوم نرفض استقالتها ونطالبها بتحمّل مسؤولياتها السياسية». وشارك النائب فيصل المسلم زميله الطبطبائي برفضه لاستقالة المبارك قائلا: «إن الحس السياسي يستدعي عدم استقالتها، التي ستكون بمثابة الهروب من مواجهة مسؤولياتها». وفي بيان مشترك للطبطبائي والمسلم، قالا، في بيان أمس، أنهما يحملان المسؤولية غير المباشرة للقيادات العليا في وزارة الصحة عن الإهمال في متابعة شركات الصيانة «المقصرة في عملها وانعدام خطط الطوارئ والإخلاء عند الحوادث». وأضاف البيان «لقد سبق لنا أن حذرنا وزيرة الصحة من الحجم الهائل من التجاوزات التي تقوم بها في ملف العلاج بالخارج بشكل مباشر وغير مباشر، فضلاً عن إهمالها متابعة التجاوزات وتردي الأوضاع الصحية، ما يضطرهما الآن لتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهما وتفعيل المساءلة السياسية». وأشار البيان إلى «غياب الاهتمام الصادق من الحكومة لتطوير الخدمات الصحية، حتى سبقتنا الكثير من الدول التي كنا نمد لها يد العون والمساعدة سابقاً في الشأن الصحي، ما يؤكد انعدام خطط التنمية وغياب الإدارة الناجحة واختيار الكفاءات المناسبة لتولي المناصب القيادية لهذا القطاع الحيوي». من جانبها، أعلنت المبارك أن سمو الأمير أمر بسرعة تشغيل الوحدات التي تعرضت للحريق، مشيرة إلى أن العمل مستمر على مدار الساعة من أجل إعادة تأهيل الأجنحة المتضررة. وقالت المبارك، رداً على أسئلة الصحافيين التي حاصرتها في المؤتمر الصحفي الذي عقدته أمس بعد تفقدها المستشفى حول التهديدات النيابية باستجوابها، «إن الاستجواب حق دستوري ولكني لم أحضر للرد على الاستجواب، إنما أتيت من أجل الحديث عن إصلاح آثار الحريق وإعادة العمل لخدمة المواطنين». وزادت: «نحن هنا بصدد معالجة آثار الحريق وليس التصريحات ورأيي حولها غير مهم». وأعلنت المبارك تشكيل لجنة محايدة للتحقيق في أسباب الحادث، مشيرة إلى أن التحقيقات هي التي ستحسم التكهنات وسيتم إعلان نتائج التحقيق مباشرة. وأضافت أن أجنحة توقفت بسبب الدخان عادت إلى العمل بعد تأكيد إدارة منع العدوى عدم وجود أي نوع من الفيروسات وبالتالي ستستقبل المرضى، في حين سيتم تشغيل باقي الأجنحة تباعاً. أمّا النائب علي الراشد، فطالب في تصريح لـ«الجريدة» زملاءه النواب بـ«التريث في تقديم الاستجواب وإعطاء الوزيرة الفرصة الكافية للعمل والإصلاح»، مبيناً أن لجنة الشؤون الصحية البرلمانية لا تزال تحقق في محاور الاستجواب الماضي لوزير الصحة، آملاً من النواب التريث حتى رفع التقرير ومناقشته من قبل مجلس الأمة. وأضاف الراشد: «إذا كانت المحاسبة السياسية تأتي قبل إعطاء الفرصة المناسبة للوزيرة فلن نجد أحداً يقبل بالمنصب الوزاري إلا لغاية في نفس يعقوب». من جانبه، دعا الناطق الرسمي لكتلة العمل الشعبي النائب مسلم البراك وزيرة الصحة إلى تقديم استقالتها «انطلاقاً من مبدأ الإحساس بالمسؤولية ولتقدم بذلك نموذجاً عن هذا الإحساس تجاه أي خلل قد يحدث في أي مرفق حكومي»، مشيراً إلى أن ما حصل في مستشفى الجهراء «يعد كافياً لوضع وزيرة الصحة على منصة الاستجواب وطرح الثقة بها لمسؤوليتها السياسية عن هذا الحريق»، بدوره، أعلن النائب خضير العنزي في تصريح لـ«الجريدة» تأييده لعقد دورة طارئة لمجلس الأمة، داعياً وزيرة الصحة الى الاستقالة وتحمل المسؤولية السياسية «قبل أن تواجه مصيرها المحتوم ويقيلها البرلمان». وأضاف أن ما جرى «خطأ فادح والوزيرة غير قادرة على إصلاح الوزارة»، مشيراً إلى أن الرسالة ليست لها «بل للحكومة وطريقة اختيار الوزراء وأسلوب اختيارهم». يذكر أن المحور الأول للاستجواب يشمل تجاوزات وزيرة الصحة في ملف العلاج بالخارج، في حين يتمحور الثاني حول حريق مستشفى الجهراء واستمرار التدهور في الخدمات الصحية وهو الملف العالق منذ سنوات طويلة.
أخبار الأولى
حريق الجهراء... النواب تدافعوا نحو استجواب معلّق ومعصومة تحمّلت المسؤولية السياسية واستقالت
25-08-2007