قبة الصخرة هي على وجه اليقين أقدم بناء مساجدي في الإسلام بقي على حالته الأصلية تقريباً ودون تعديلات جوهرية، فكل الأعمال التي توالت على هذا البناء لم تخرج عن ترميمات أو إعادة بناء لبعض العناصر وفقاً لطرازها الأصيل.أنشأ هذه القبة الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان خلال ثلاث سنوات فقط، إذ بدأ العمل في تشييدها عام 69هـ وانتهى بافتتاحها في عام 72هـ (692م). ونظراً لروعة بناء هذه القبة في وقت مبكر من العصر الإسلامي، فقد أثيرت حولها جملة من الروايات والتأويلات منها أن عبدالملك بن مروان أراد ببنائها على درجة من الكمال المعماري والجمال الزخرفي أن تكون مزاراً إسلامياً بديلاً للكعبة المشرفة بعد تمرد ابن الزبير في مكة وهو أمر لا يستقيم مع سيرة الخليفة عبدالملك وأيضاً مع حقيقة أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان قد نجح في استعادة مكة والمدينة للسيطرة الأموية قبل الانتهاء من تشييد قبة الصخرة.كما أثار ظهور بناء القبة كمثال معماري ناضج غيرة بعض المستشرقين فحاولوا نسبة هندسة هذا البناء العبقري وزخارفه الفسيفسائية إلى صناع بيزنطيين بينما يبدو جلياً من زخارف القبة أن صناعاً من الفرس والشوام هم الذين عملوا في بنائها وزخرفتها.ومهما يكن من أمر فإن القبة قد شيدت فوق الصخرة المشرفة التي عرج من عليها بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) إلى السموات العلى في حادث الإسراء والمعراج، وحلت مكان مظلة كان الخليفة عمر بن الخطاب قد أمر برفعها فوق الصخرة.وشكل قبة الصخرة المعماري فريد في العمارة الإسلامية فهى عبارة عن بناء ثماني الأضلاع متوج بقبة وبوسطه الصخرة المشرفة. والحقيقة أن المهندس المعماري قد شيد القبة الخشبية التي يبلغ قطرها 20,44م فوق رقبة أسطوانية وتلك بدورها ترتكز على عقود رتبت في هيئة مثمن، وعدد هذه العقود 16 عقداً ترتكز على 4 دعامات حجرية و 12 عاموداً رخامياً منظمة بحيث يوجد 3 أعمدة بين كل دعامتين، ويصل ارتفاع البوائك إلى 9,5متر وفوقها رقبة أسطوانية يصل ارتفاعها إلى 2,6متر وقد أحيط هذا المثمن الداخلي بآخر خارجي من جدران كل جدار منها مزين بعقود زخرفية عددها سبعة، العقد الأوسط في أربعة منها فيه باب للدخول.والجدران الخارجية كلها ملبسة بالرخام إلى ارتفاع النوافذ ثم تغطى بعد ذلك بالفسيفساء ذات البريق الزجاجي بالإضافة إلى بلاطات خزفية عثمانية تم كسوة الجدران بها في عام 1554هـ. والقبة الحالية أعيد تشييدها في القرن الثاني عشر الهجري بعد تجديد هيكلها الخشبي وهى مكسوة بصفائح من الألمونيوم.والقبة من الداخل مكسوة بزخارف من الجص بالإضافة إلى الزخارف الفسيفسائية البراقة وقد تهدمت بسبب زلزال ضربها في عهد الخليفة المهدي العباسي فأعاد تشييدها بعد أن قام بحذف اسم عبدالملك بن مروان من الشريط الكتابي وسجل اسمه هو عوضاً عنه ولكنه لم يغير تاريخ الإنشاء وهو عام 72هـ.وفيما بين البائكة الثمانية والجدران الخارجية لمبنى القبة مطاف جميل يدور حول الصخرة أما الصخرة المشرفة التي أنشئ هذا المبنى لتعظيمها وصيانتها فأبعادها هى خمسة أمتار عرضاً وسبعة أمتار طولاً وثلاثة أمتار ارتفاعاً.وتحتل قبة الصخرة قمة جبل موريا ولذا تعد أكثر العمائر ارتفاعاً في الحرم القدسي الشريف وهى تهيمن على منظر الحرم بقبتها المرتفعة وزخارفها الرائعة.
توابل
قبة الصخرة... أقدم بناء مساجدي في الإسلام
03-10-2007