عام 1966 انطلقت المغنية اليونانية نانا موسكوري، التي لم تكن معروفة كثيراً آنذاك خارج أوروبا، إلى الولايات المتحدة في جولة مع أسطورة الكاليبسو هاري بيلافونتي. كانت هذه المرحلة مهمة جداً في بداية حياتها المهنية.أحبّ بيلافونتي صوت نانا لكن حين تعلق الأمر باختيارها نظارات كان في غاية الصراحة معها مصرّاً على أن تخلع نظاراتها السوداء ذات الإطار المصنوع من العظم على المسرح، لكن بعد يومين من الحزن جراء رفض بيلافونتي وضعها النظارات جاء دورها لتنذره: «إن كنت تحبني، أحبب نظاراتي» ومنذ ذلك الحين وهي تضع النظارات. بعد 40 عاماً وبيع 450 ألبوماً و230 قرصاً ذهبياً وبلاتينياً و300 مليون شريط مسجل، توجهت نانا موسكوري إلى مسرح سان دايفز هال في كارديف لتحيي الليلة البريطانية الأولى في جولتها الوداعية الملحمية وتقدم عروضها أمام حشود في غايتزهاد ولندن ومانشستر وغلاسكو وبيرمينغهام قبل انتقالها إلى ساربروكين في ألمانيا التي شكلت محطة مهمة في حياتها حيث لاحظ العالم للمرة الأولى القدرة الهائلة للمغنية اليونانية الشابة بصوتها الذي يشبه صوت العندليب فباعت أسطوانتها باللغة الألمانية «White Rose from Athens» أكثر من مليون نسخة. لمع نجم موسكوري الموسيقي هذا العام في أنحاء الولايات المتحدة وأميركا الشمالية وإيرلندا قبل أن يصل إلى بريطانيا. وبعد جولتها الأوروبية تتوجه العام القادم إلى أستراليا وآسيا وأميركا الجنوبية حيث ينتظرها سيل من المعجبين الأوفياء ليحيوا بطلتهم الدائمة الشباب بشعرها الشديد السواد. رغم صحة موسكوري الجيدة ونشاطها تشدد على أن الوقت حان بعد خمسين عاماً من الغناء، لإفساح المجال أمام المغنين الأصغر سناً. ولا شك في أن المغنين الذين يحققون نجاحاً راهناً لا يتوقعون منافسة هذا النوع من الديمومة الموسيقية التي تتمتع بها موسكوري ولا يأملون في تقليد الصورة الحماسية والصيغة الموسيقية الأساسية التي اشتهرت بهما على مرّ العقود. وفي هذا العصر «الرقمي» السريع يجب على مغني البوب إعادة تجديد نفسه كل بضعة أشهر بغية البقاء على تواصل مع الجمهور. خليفة ماريا كلاسولدت موسكوري في عائلة متماسكة في شانيا في إقريطش. ثم انتقلت إلى أثينا وهي في الثالثة من عمرها. كانت شانيا رازحة تحت احتلال النازيين خلال فترة طفولتها. عمل والدها على جهاز عرض الأفلام بينما لقنتها والدتها الأغاني الفولكلورية الوطنية عاملين بجهد من أجل إدخالها وشقيقتها معهد هيلينيك لتعليم الموسيقى. تذكرموسكوري كيف كان والدها يغادر المنزل خفيةً خلال الليل للقتال مع المقاومة اليونانية ضدّ الغزاة الألمان. كانت هذه الفترات قاسية وخطيرة بالنسبة إليها. رغم انقطاع المال تابعت دروسها الموسيقية ولفتت موهبتها أستاذها فعمل معها على أن تكون خليفة ماريا كلاس إلا أن حلمه تحطم حين قررت الغناء في نادي زاكي في المدينة حيث تعلمت كيف تغني مثل بطلتيها الجديدتين إيلا فيتزجيرالد وبيلي هوليداي. شكلت مسابقة الأغنية الوطنية اليونانية طريق موسكوري إلى الشهرة فأصبحت لاحقاً من الراعين لحركة «أوروفيزيون». مثّلت في البداية لوكسمبورغ لأن بلدها الأم كان يفتقر إلى محطة تلفزيونية. عام 1996 حين أجريت مسابقة الأغنية الوطنية للمرة الأولى في اليونان قدمت أداء عاطفياً. تزوجت عام 1961، وفي ذلك التاريخ وصلت شهرتها إلى فرنسا وألمانيا قبل رحلتها الأولى إلى نيويورك برفقة مدير الحفلات الأسطوري كوينسي جونز.في البرلمان الأوروبيظهرت موسكوري للمرّة الأولى في بريطانيا عام 1986 على شاشة التلفزيون في برنامج Nana and Guests. الى ذلك لم تكن متاجر الأشرطة المسجلة في بريطانيا مجهزة لتلبية الطلب الكثيف على اشرطتها، كما لم تكن تحتوي عليها كلها ما اضطرها إلى البحث عبثاً عن بعضها لتلبية مطالب معجبيها. عام 1993 عينت موسكوري سفيرة اليونيسيف للنوايا الحسنة وعُهدت إليها مهمة زيارة الأطفال في البوسنة. في السنوات اللاحقة انتخبت عضواً في البرلمان الأوروبي ممثلةً حزب الديموقراطية اليميني في اليونان. وخلال وجودها في البرلمان تعرضت للإزعاج من زملائها الموظفين الأوروبيين لكنها برهنت أنها محاورة فــاعلة حتى انها ضافرت جهودها مع منافستها القديمة المفضلة في Eurovision دانا، حين ترشحت للانتخابات الايرلندية. عام 1998 عادت إلى المملكة المتحدة سعياً لاستعادة تماثيل إلجين الرخامية وفي العاو نفسه قامت بحملة عبر العالم من أجل حقوق المرأة. استمرت موسكوري في مركزها بصفة عضو في البرلمان الأوروبي لدورة واحدة وتقول انها لم تحب السياسة أبدا وتقول عنها: «السياسة تصيب القلب بالجفاف». عاودت بعد ذلك عملها في اليونيسيف وفي مجال الموسيقى. تعيش موسكوري حالياً مع أندريه شابيل بعدما حصلت على طلاقها من زوجها في منتصف السبعينات وتنوي تكريس باقي حياتها لعائلتها وعملها الإنساني وهي ما تزال بالطبع، تضع تلك النظارات.
توابل - مزاج
بعد 40 عاماً من الغناء نانا موسكوري تودّع عالمها الأسطوري
04-11-2007