هذا المجنون...

Ad

المسكون بالشعر حد الوحده..

حد التألق...

حد العبث...

حد الغيم الصاعد من عشب الأرض، لترتوي سماء الجدب.

هذا الـ «عبدالمحسن بن سعيد» أو «العاشق»، كما أراد لنفسه أن يكون ذات محاولة انتماء، يكتب الشعر بشغب نادر...

يهز ليل الشعر لتتساقط نجومه بين يديه، فيلقيها أحجاراً في المياه الراكدة مكوناً دوائر من ضوء، ويمسك خصر النهار ليعلق مراجيح للهو الريح!!

يمارس العبث بفتنة، عبث يليق بعيون قزح:

يمكن الشمس طفل وكانت ثيابه ورق

وشب في نفسه المسكين من كثر البراد

ويمكن البحر عين ٍصابها طول الأرق

ما غفت من بكاها لين ما ازرقّ السواد

يفلسف انهمار الشلالات إلى أعلى... يمنطق الجنون... ويأخذ المعقول إلى أقرب مصح عقلي للعلاج!

يشعل الجمر لا ليتدفأ جسد الليل، ولكن ليحتفل الرماد!

يتعامل مع مفرداته وصوره الشعرية بـ «ميانه» غاية الإدهاش،

يقترف الخطايا لا بحسن النوايا ولكن بحسها، بحث في زمن السراب عن النجومية التي يستحقها باقتدار، فلم يقنع بما جادت له، ولا أنا!

صُدم باللعبة الصحفية، وما يدور خلف الكواليس... احتد، واغتاظ، وصرخ معلناً: «الحقيقة أن كل الشعراء أصبحوا نجوماً إلا أنا، وهذه بالنسبة لي ليست معاناة بل سعادة، لأنني أصبحت الشاعر الوحيد على الأرض»!!

وبغض النظر عن الجملتين الأخيرتين في مقولة العاشق، لأنهما مليئتان بالسذاجة، بقدر افتقادهما إلى الجدية، إلا أنه من المحزن للشعر أولاً أن يتصدر مجالسه من هم بنصف موهبة وإبداع هذا الشاعر الجميل.

أعطى للصفحات الملساء ظهر قصائده... أطلق أشرعة جنونه، وتمرده، ونزفه:

حبيبي والشعر نورس، حبيبي والحلا صاووس

وانا شاعر (كذا) مجنون في رسمك وتلوينك

تعال أفجر معك بلونة الأرض بطرف دبوس

تعال وجرّب هبالي وشــمّ الورده بعينك

شاعر يهوى القيادة عكس السير... يعرف الممنوع ولايعترف به:

بعض المساكن ملاها الناس ووحيشه

وبعض المساكن خلا وان جيت هلابي

يجيد الغناء على مقامات الشعر بحرفنة قلما نجدها: العذوبة، الشجن، الرقة، الشفافية، وحتى الهزل والسخرية، تنويعات يعرف «العاشق» كيف يتعامل معها بشفافية مفرطة ومدهشة، ليشكل من نتاجه الشعري «هارموني» رائع، ساحر، وفريد.

أما تكنيكه الشعري فيعتمد غالباً على تفكيك الصور وإعادة تركيبها ضمن رؤيته الخاصة جداً والمتميزة، مع ضوء من مسرح «اللامعقول» لايشبه إلا عبدالمحسن بن سعيد:

وعيني من اشباهك لها انفاس واحلام

وتنبت لجفني كل ما شفتك ايدين

أجيك وانسى ظلي هنــاك ما قام

واترك نظر عيني معك وآخذ العين

أما احسبيها ليله اطــول من العام

والا اكتبيها سـاعه إلا اربع سنين

عبدالمحسن بن سعيد: شاعر «يلعب» خارج المستطيل الأخضر، ليدهشنا بفضاء ربيعه الأجمل.