في انتظار عودة السفير السابق الرئيس السابق للإدارة العامة للأمن الخارجي جان كلود كوسران إلى بيروت، في زيارة ثالثة، يكتفي الوسط السياسي اللبناني بتقويم نتائج أعمال مؤتمر الحوار الوطني في سان كلو السبت والأحد الفائتين. وإلى الآن لم يتحدّد موعد عودة كوسران ولا برنامج مهمته الجديدة، وإن أدرجتها أوساط وثيقة الصلة بهذه المهمة في إطار متابعة نتائج الحوار اللبناني والتحضير للزيارة الثانية لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير لبيروت نهاية هذا الشهر. استناداً إلى الأوساط الوثيقة الصلة بمؤتمر سان كلو، نجد أنه أفضى إلى النتائج الآتية:1 - نجاح الدبلوماسية الفرنسية في إحراز اختراق في الحوار اللبناني المقطوع من خلال مبادرة لم تتوخ بالنسبة إلى «الكي دورسيه» أكثر من إعادة بعث الحرارة في الاتصال بين الفرقاء اللبنانيين المتناحرين. 2 - انتبه العراب الفرنسي إلى قاسم مشترك جمع بين الفرقاء من خلال المداولات التي أصغى إليها، وهو اتفاقهم بلا تحفظ على أمرين متلازمين، أولهما التمسك باتفاق الطائف والآخر تأييدهما المطلق للجيش اللبناني. وهكذا لمس الفرنسيون القاعدة الرئيسية التي يلتقي عليها اللبنانيون، مقدار لمسهم حجم التباعد والانقسام من موقفي الطرفين من انتخابات رئاسة الجمهورية وتأليف حكومة وحدة وطنية.3 - الوضوح غير المسبوق في الموقف الفرنسي، أكثر من أي وقت مضى، حيال حزب الله الذي عبّرت عنه الرئاسة الفرنسية عشية انعقاد المؤتمر إيضاحا لغموض طبع موقفها من اتهامها الحزب بأنه تنظيم إرهابي. وكان هذا الموقف في صلب حوار تبادله عشية الذهاب إلى باريس مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي مع الدبلوماسية الفرنسية في بيروت، إذ استفسر من محدثه عن الغموض في الموقف الفرنسي، إذ يرى الحزب تنظيماً إرهابياً وفي الوقت نفسه يدعوه إلى باريس. كان جواب الدبلوماسية الفرنسية أن الرئيس، في موقفه المتأخر، أعلن أن فرنسا لن تدرج اسمه على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية. 4 - شق الطريق أمام علاقات رسمية مباشرة بين الإدارة الفرنسية وحزب الله اقتصرت حتى الأمس القريب على قناة واحدة بين السفير في بيروت برنار إيمييه والموسوي، المفوض من حزبه إدارة العلاقات بين الحزب وفرنسا. وما خلا لقاءات جمعت إيمييه بوزير الحزب محمد فنيش قبل أن يستقيل من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، ظلت علاقات باريس بحزب الله محدودة الوسائل وإن كانت متشعبة الحوار والملفات. فإنها المرة الأولى التي يزور فيها وفد حزبي رفيع العاصمة الفرنسية ويستقبله مسؤول رفيع المستوى هو وزير الخارجية، مع ان وزير الحزب الآخر طراد حمادة كان استقبل في باريس وواشنطن بصفته صديقاً لحزب الله لا عضواً فيه. تلقّف الانفتاح الفرنسي في انتظار ما قد تشهده الساحة الداخلية من اتصالات ومشاورات عقب انتهاء لقاء «سان كلو»، بموازاة استمرار أزمة مخيم نهر البارد شمالاً وتكرار الاعتداء على قوات الـ«يونيفيل» جنوباً، شدد مصدر نيابي معارض لـ «الجريدة» على وجوب عدم «تضييع» المبادرة الفرنسية لكي «لا يكون مصيرها الفشل كسابقاتها، ويقتصر دورها تاليا على تقطيع الوقت بما يضر المصلحة اللبنانية». وإذ رأى ان اجتماع الاطراف اللبنانية في سان كلو لم يخرج عن اطار «العملية الحوارية بهدف التهدئة وإعادة وصل ما انقطع»، لفت الى وجوب «تلقف فرصة الانفتاح الاوروبي عموماً والفرنسي خصوصاً، مع الاصرار على ان القرار الوحيد الذي يتحكم بمسار الامور لا ينطلق الا من المعيار اللبناني فحسب».إذاً فالانطلاق من معايير غير لبنانية من أجل ايجاد حلول، وفقاً للمصدر المعارض، هي أبرز ما يعرقل امكان ايجاد مخارج جدية، من هنا فإن السؤال الجوهري الذي ينبغي أن يطرح من وجهة نظره هو «هل الراعي الاكبر في المنطقة يريد حل القضايا العالقة في المنطقة، فيوفّر على لبنان مزيداً من التوتر والتأزيم، أم انه سائر في تحقيق أهدافه مهما كلّف ذلك»؟ ويتابع في هذا السياق ليشير الى ان «الموالاة تتحمل بالدرجة الاولى مسؤولية تأزيم الوضع الداخلي من خلال استئثارها وسياستها الاقصائية، وهذا يتلاءم مع مصلحة البعض في الخارج ويضر بالمصلحة الداخلية بدرجة أولى»، معتبراً «انها اليوم في وضعية حرجة اذ انها لم تعد تستطيع أن تستمر في ممارسة سياسة التضليل، في ظل فشلها في الدخول في معادلات لخلط الاوراق من جديد». استحالة إيرانية- سورية بالمقابل، أكد مصدر نيابي موالٍ لـ «الجريدة» ان «كسر الجليد في سان كلو، لا معنى سياسياً له، اذا لم يغيّر أو يقدم شيئاً على مستوى القضايا السياسية الملحة في الداخل»، مدرجاً الاصرار الفرنسي على المتابعة في اطار «الاجتهاد لايجاد مخارج للازمة».وإذ أشار الى ان «الجهود الفرنسية اصطدمت بالاستحالة الايرانية-السورية، وبصعوبة تلبية مطالب ايران في ما يختص بالملف النووي، وسورية في منع قيام المحكمة الدولية»، راى ان «الجهد الفاعل ينبغي ان يبذل في ايران وليس مع الداخل اللبناني»، موضحاً ان «مشاركة حزب الله تأتي كإشارة ودية في سياق ترطيب الاجواء الفرنسية الايرانية»، واضاف «أعتقد ان الفرنسيين فهموا الرسالة: ايران هي صاحبة القرار».وفي سياق متصل، شدد المصدر الموالي على ان «معطيات المحقق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الحريري القاضي البلجيكي سيرج براميرتس باتت مكتملة وقضيته محكمة، وبالتالي اصبح من الصعب جداً عرقلة عمله».
دوليات
حزب الله يحصد الانفتاح الفرنسي عليه في سان كلو والأغلبية تُفهم باريس: مفتاح الحل في طهران
17-07-2007