في كل عملية اقتراع تحكم الناخبين مزاجات اللحظة وتراكم الخبرات مما ينعكس على أداء المجلس لاحقا. في انتخابات عام 2006 الاخيرة التي جرت بموجب نظام الـ 25 دائرة، بلغ عدد الناخبين 340249 بمشاركة المرأة للمرة الاولى، اقترع منهم 217060 ليشكلوا نسبة 63,8%، وامتنع عن التصويت 123189 ناخبا من الجنسين وبنسبة 36,2%.اما ممارسة سلوك الصوت المحروق (الصوت الأعور)، فقد حصدت 48162 صوتا، بنسبة 20% من اجمالي المقترعين (22211 صوتا للرجال، 25951 صوتا للنساء).ويمكن استقراء بعض الأسباب التي لا يمكن تعميمها على كل الانتخابات التي جرت في السابق، اذ يبقى ان هناك خصوصية لكل منها، فنتائج انتخابات 2006 كانت تخضع لشرطين أساسيين: الأول في عنصر المفاجأة، لأنها انتخابات جرت بعد حل للمجلس، الآخر في دخول المرأة في المجتمع الانتخابي، والذي أضاف 194911 ناخبة دفعة واحدة الى عدد الذكور الذي كان في الأصل 145338 ناخبا.ومعلوم أن دخول شريحة جديدة وبهذا الحجم الذي لم تعتد عليه العملية الانتخابية قد أحدث ارتباكا شديدا كان أحد افرازاته احجام عدد كبير من النساء عن التصويت وهذا ما حدث فعلا، وادى الى نتائج معروفة سلفا وهي الانقياد الى حركة المرشحين والناخبين الذكور. ولا يعرف بعد ما اذا كانت نسبة الـ 60% الخاصة بالاقتراع، والتي حدثت في الانتخابات الماضية ستتغير باتجاه ما بعد أيام قليلة ام لا، لكن من المهم الأخذ في الاعتبار عدة عوامل أثناء التفكير في دراسة هذه النتيجة، نطرح فيها التساؤلات الآتية:1- هل استطاعت المرأة منذ عام 2006 أن تخلق تشكيلات حركية معينة، أو تدخل في تشكيلات أخرى قائمة تساعدها على فكرة التمكين؟2- الى اي مدى ستستطيع الكتل السياسية الأكثر تماسكا في الساحة السياسية أن تتبنى بعض الكوادر النسائية ضمن قوائم يجري الاعلان عنها بوضوح؟3- الى أي مدى تستطيع القوى السياسية اقناع الناس بأهمية الانتخابات عموما، وفي ظل الدوائر الخمس بشكل خاص على أساس أن المناداة بالتقليص كانت تروج لزوال معاول هدم كثيرة تفسد العملية الانتخابية كشراء الاصوات، ونقل اسماء القيود الانتخابية، والانتخابات الفرعية، التي يبدو أن القانون لم يجهز عليها في الحملات الجارية اليوم؟نعود الآن ونسأل: لماذا أحجم عدد كبير عن ممارسة حق الاقتراع في الانتخابات الاخيرة؟ ولماذا الصوت الاعور؟ربما ستكون الاجابة عن حال الانتخابات السابقة -اذا ما استثنينا الانتخابات الاخيرة- أن الاحجام يظل طبيعيا على أساس أن التصويت يصعب اكتماله بنسب تقارب المئة في المئة، وان النسب السابقة كانت في حدود الـ80%، أما الانتخابات الاخيرة فقد هبطت بشكل مثير لتصل الى 63%!هناك دلالات احصائية يمكن الاستناد إليها في كشف تفسير جزئي لهذا السلوك الانتخابي، ويبقى على الباحثين عبء معرفة الاسباب التي تقف وراء هاتين الظاهرتين بشكل علمي معمق.في دراسات متتالية لمركز البحوث والدراسات التابع لمجلس الوزراء اجراها حول الانتخابات التشريعية خلال حقبة التسعينيات، كشفت امتعاض المرشحين من اداء المجلس في أكثر من موضوع. فقد احتل نقد السلطة التشريعية البند الرابع بعد الاقتصاد والشباب والخدمات العامة، في طروحات المرشحين لحملات انتخابات 96. وفي حملات الـ99 ما لبث أن تقدم هذا البند ليحتل المرتبة الاولى!أما حملة انتخابات 2003 فقد كشفت الدراسة نظرة المرشحين آنذاك لأداء المجلس الذي سبقه، وكشفت النتائج أن الذين فازوا في الانتخابات كرروا الحديث عن السلبيات 114 مرة، وتحدثوا عن الايجابيات 34 مرة فقط. أما الذين خسروا في الانتخابات تاليا فكانوا قد تحدثوا عن سلبيات المجلس اثناء الحملات 333 مرة، وتحدثوا عن الايجابيات 45 مرة فقط. وهنا يمكن القول أن خيبة الأمل من أداء المجالس السابقة تراكمت عبر خمسة انتخابات متتالية لتخلق جوا من التأفف تجاه أداء السلطة التشريعية.هذا بشأن الاحجام عن الانتخابات...أما ممارسة حرق الاصوات، فيمكن إرجاعه الى اسباب كثيرة ابرزها عدم اعتماد الصيغة الحزبية التي تتطلب التصويت لقوائم، الامر الذي يفرض الطابع الشخصاني للسلوك التصويتي باتجاه قبيلة أو طائفة او عائلة، أو شخصية وطنية مرموقة. وخلاصة القول إن السلوك التصويتي للناخبين يشبه حركية ضغط الدم، تحكمه ثنائية: مزاجيات معينة تخلقها تراكمات واحداث ما، وأيضا هناك الاسباب الهيكلية التي تعانيها الحياة السياسية الشعبية في الكويت والتي عبرنا عنها بمثال غياب الاحزاب كأحد أسباب التصويت الشخصاني، وعلى اية حال ستكون نتائج الانتخابات المقبلة بظروفها الجديدة مؤشرا لقياس ما ذهبنا اليه.
برلمانيات - انتخابات
56% من ناخبي 2006 اعترضوا على المجلس في الصناديق!
12-04-2008