الثقة بنورية تعني إعادة الثقة بوحدتنا الوطنية ونبذ الفئوية والانتصار لنظام الدولة ومؤسساته الدستورية، كما تعني استقراراً مستحقاً للحكومة والمجلس للنهوض بواجبهما الوطني.

Ad

لاشك أن التصويت بالثقة لمصلحة وزيرة التربية والتعليم العالي نورية الصبيح لتكمل مشوارها الإصلاحي في المهمة المسندة هو أمر مستحق عن جدارة بعد أدائها المتميز في تفنيد محاور الاستجواب بنجاح، ولكن الأمر- على أهميته- يبدو أنه قد تجاوز نورية ليصل إلى ما قد يهدد وحدتنا الوطنية التي يشكل الدستور درعاً وحصناً لها، فأصبح التصويت بمنح الثقة إلى نورية الصبيح بمنزلة الترياق الذي يقضي على الرائحة غير المرغوبة لسموم رياح الفئوية والممارسات اللادستورية ومحاولة إقحام الدين الإسلامي الحنيف في مجالات لا تتفق مع ما عرف عن الإسلام من صدق وعفة وسمو في التعاطي مع مجالات الحياة المختلفة.

فالثقة بنورية هي ثقة بالدستور الكويتي الذي لا يفرق بين الناس عندما نص «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين» مادة (29)، كما أن الدين الإسلامي لا يقر المبدأ الانتهازي الميكافيلي «الغاية تبرر الوسيلة»، فبعد انهيار محاور الاستجواب ليس من الأخلاق ولا من الدين أن يهم بعضهم بالتذرع بالفتاوى المعلبة المنافية لروح العصر من أجل حجب الثقة عن نورية، وفي الوقت نفسه نراه يصمت عن الحق ولا يسعى إلى فتوى عن الحكم الشرعي في السكوت عن الفساد الذي يمارس، ولا عن الرسائل التي تُرسل على أوراق المجلس الرسمية لدول خارجية من أجل مصالح غير رسمية؟! ولا عن حكم الشرع في السكوت عن ذلك المسؤول الذي رخص لشقيقه رخصة المطعم بصورة استثنائية! وغير ذلك الكثير من التجاوزات التي يعلمها النواب، فهل يجوز بعد ذلك استغلال الدين لإصدار فتوى تنطوي على الحنث بالقسم ومخالفة الدستور؟ ألم يقسم من يدعي حرصه وتمسكه بالدين بهذا القسم العظيم «أُقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن وللأمير، وان احترم الدستور وقوانين الدولة، وأذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، وأؤدي أعمالي بالأمانة والصدق»؟ ألم تخوضوا الانتخابات أيها النواب بعد إقرار حقوق المرأة السياسية؟! وهل كنتم تمارسون التقية أم التدليس على ولي الأمر والشعب عندما أقسمتم؟! فكيف يكون عدم احترام الدستور- الذي أقر حق المرأة السياسي- متماشياً مع البر بالقسم، الذي لو تعلمون عظيم؟!!!

الثقة بنورية تعني إعادة الثقة بوحدتنا الوطنية وبغض ونبذ الفئوية والانتصار لنظام الدولة ومؤسساته الدستورية، كما تعني استقراراً مستحقاً للحكومة والمجلس للنهوض بواجبهما الوطني في بيئة تستقطب وتحمي الكفاءات الوطنية من طغيان مراكز القوى غير الدستورية سواء كانت الفئوية البغيضة أم الفتاوى المتطرفة التي لا تأخذ مجريات وحداثة العصر ولا المكان في الحسبان.

الثقة بنوريه تجاوزت أهميتها مسألة نورية في حد ذاتها، إذ إنه بمنزلة إعادة الاعتبار لدستورنا الذي نفخر به بين الدول بما احتواه من تأكيد على أهمية الشريعة الإسلامية ومواكبة عصرية تهدف لحياة تنطلق من قواعد شرعية وتقاليد راسخة بخطوات واثقة إلى رحاب التقدم والنمو بأجواء من التضامن والتآلف الأخوي. أيها النائب صوتك أمانة فضع أمانتك حيث أقسمت... ضعها باحترام الدستور وكن باراً بقسمك.

نصيحة:

التاريخ وسيرة الأشخاص لا ينبغي أن يكتبا بالضرورة بمداد التمجيد والتعظيم، ولا بأسلوب التمني المتطرف حباً أو كرها، بل الواجب يحتم ذكر الحقائق التاريخية كما هي مع تجنب الانتقائية، وترك الأمر للشعوب لتحكم عليها، فمهما حاول الكاتب- أو المستكتب- طمس الحقائق أو الأحداث أو تغييرها، فإن الحقيقة سوف تطفو إلى السطح يوماً من الأيام. فكتابة التاريخ أمانة والتعرض لشخصيات ورموز وطنية بالإساءة خصوصاً بعد وفاتهم ليس من المروءة... هذا باختصار ما لزم ونحن نرصد مقالات وردود على مؤلفات وتعقيبات من الخارج على صفحات صحفنا المحلية... والله الهادي إلى سواء السبيل.