عاد الهدوء إلى منطقة الشياح، بعد تمكن القوى الأمنية من ضبط الوضع، بيد أن الاتصالات السياسية تكثَّفت في سبيل تطويق ذيول أعمال الشغب وتداعياتها، في حين أكدت قيادة الجيش أن التحقيقات جارية بأقصى الجدية والسرعة لكشف الملابسات. شيّع لبنان الشهداء الذين سقطوا في اشتباكات الشياح ليل امس الاول، وسط اجواء من الحزن والغضب، بينما اقفلت جميع المدارس والجامعات في جميع المناطق حداداً، وسط تحذيرات سياسية وروحية من الفتنة وانفلات الشارع، بينما شنّ «حزب الله» هجوما عنيفا على الحكومة اللبنانية.فقد اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب علي عمار أن «السلطة الحالية استساغت دم الناس، والصور من أحداث الجامعة العربية السنة الماضية دليل دامغ يدين الجهات المسؤولة التي تريد الظهور بمظهر حامي السلم الأهلي». وقال عمار، في مداخلة مع تلفزيون «المنار»، «كان حرياً برئيس الحكومة فؤاد السنيورة، لو عنده ذرة شرف وكرامة وحس بالمسؤولية، أن يترك كرسيه الدنيء ويغادر، فدماء اللبنانيين عامة والضاحية خاصة ليست جواز مرور لكرسي الرئاسة الاولى، أو لأي كرسي غيره». مشيرا إلى أن «هذه الحكومة المسخ ورئيسها القزم الخانع تحت عباءة المشروع الاميركي-الصهيوني، والقاتل الجالس في معراب قاموا بالتحريض المبرمج، وهم يتحملون كل مسؤولية». وقال النائب في «حزب الله» ان «الجيش ليس ميليشيا ليستبيح ما استباحه بالأمس، وعلى قيادة الجيش أن تعيد النظر والحساب بمن يريد جرها الى أماكن لا مصلحة لها فيها». وفي حين استمرت قوى المعارضة في التلويح بتحميل فريق ثالث مسؤولية اطلاق النار وسقوط الشهداء، كانت لافتة الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد ميشال سليمان، يرافقه مدير المخابرات في الجيش العميد الركن جورج خوري، الى عين التينة إذ التقيا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرى الاتفاق على اجراء تحقيق جدي وفعال وسريع لكشف كل الملابسات التي حصلت. كما عرض الرئيس بري، الذي ألغى كل مواعيده امس واليوم لمتابعة الوضع، التطورات مع المدعي العام للتمييز القاضي سعيد ميرزا.«حركة أمل»وفي سياق متصل، جددت «حركة امل» المطالبة بــ«فتح تحقيق جدي وفوري لتحديد المسؤوليات في عملية إطلاق النار على المواطنين»، وناشدت «أمل» قيادة الجيش «تحمل مسؤولياتها في الكشف السريع عن من قام بهذا العمل غير المبرر، إن كان من داخل القوى العسكرية أو من خارجها، خصوصا مع وجود أسئلة كثيرة عن دخول أطراف أخرى على خط تصعيد الموقف من خلال بعض الشخصيات والمحطات التلفزيونية المتخصصة بالتحريض والاستغلال السياسي، وأيضا مشاركة بعض الجهات المعروفة في إطلاق النار، ما يحمل الجيش والاجهزة المعنية مسؤولية إضافية في تحديد هذه الجهات وإدانتها».قيادة الجيشمن جهتها، أعربت قيادة الجيش عن «ألمها البالغ تجاه سقوط عدد من الضحايا»، واعتبرت أن «ما جرى هو استهداف للجيش وللمواطنين، على حد سواء، ولا يخدم إلا أعداء الوطن، وفي طليعتهم العدو الإسرائيلي». ودعت «الأهالي المعترضين على الأوضاع المعيشية، مع تحسسها العميق بمعاناتهم، الى التحلي بالوعي، وضبط النفس أثناء التعبير عن مطالبهم المشروعة»، وأهابت «بمختلف وسائل الإعلام التحلي بروح المسؤولية الوطنية، وتغليب المصلحة العامة على ما عداها في تغطية الأحداث، من خلال نقل الصورة والكلمة اللتين تسهمان في تهدئة الأوضاع وتخفيف الاحتقان». وأكدت أن «التحقيقات جارية بأقصى الجدية والسرعة لكشف ملابسات ما حصل، وتحديد المسؤوليات، واتخاذ الاجراءات المناسبة». الى ذلك، شيَّعت «حركة مل» الشهيدين احمد حمزة، واحمد علي العجوز اللذين سقطا قرب كنيسة مار مخايل، في موكب كبير الى روضة الشهيدين، في حضور حشد من المشيعين وقيادات «حركة امل». وانطلق المشيعيون من امام حسينية الشياح، سالكين شارع عبد الكريم الخليل الى جبانة روضة الشهيدين، يتقدمهم حاملو الاعلام السوداء وأعلام «حركة امل» وصور الشهداء، على وقع اطلاق الرصاص غضباً.وفي كلمة ألقاها، سأل رئيس المكتب السياسي لحركة امل جميل حايك «لمَ التشفي والتحريض المذهبي؟ لمَ محاولة التطاول؟ لمَ اتهام الشرفاء بأنهم يريدون العبث بالامن ونحن نسعى دائما الى تثبيت السلم الاهلي في لبنان؟». واتهم الفريق الآخر «بتعطيل السلطة من خلال سلبها، ومحاولات الاختباء خلف العناوين المذهبية، وتتهموننا نحن»، مطالباً «الجيش اللبناني والاجهزة الامنية المختصة بتحقيق سريع وغير متسرع، لأننا نريد الحقيقة الكاملة، من اعتدى على هؤلاء الشهداء؟». السنيورةوفي سياق متصل، تابع رئيس مجلس الوزراء تطورات الأوضاع الأمنية، والوقائع التي بدأت تتكون عن ملابسات أحداث الشياح، خلال استقباله المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. وشدد السنيورة على «ضرورة العمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها، وفي الوقت ذاته التنبه إلى ما يدبر للبنان في هذه المرحلة، والابتعاد عن التشنج والتوتر؛ لأن هذا يخدم أهداف المخططين للخراب والفتنة». وناشد الجميع «عدم تعريض الجيش والمؤسسات الأمنية للضغوط السياسية في هذه المرحلة، لكي تستطيع المؤسسات القيام بدورها براحة وفاعلية». صفيروفي سياق المواقف الداخلية، أبدى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير أمس، اسفه لسقوط الضحايا، وسأل «الله ألا تكمل الفتنة طريقها في لبنان»، مشدداً على أن «المشاكل لا تحل في الشارع إنما داخل المؤسسات الدستورية».الحريريورأى رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري ان «حوادث الضاحية الجنوبية تكشف مجددا عن عدم جدوى الاستخدام العشوائي للشارع، وزج المواطنين في أتون تحركات لا يمكن ان تؤدي الى غير المزيد من تأجيج النفوس، وإلى مواجهات يشعر اللبنانيون جميعا بمدى فداحتها في هذا اليوم».وشدد الحريري على «أن الجيش اللبناني هو جزء لا يتجزأ من مكونات الشعب اللبناني، ولا يجوز تحت أي ظرف من الظروف، أن يكون خاضعا للاستنزاف أو للابتزاز، ولن يكون في مصلحة أي جهة في لبنان أن تتخذ من القضايا الحياتية، ممرا إلى المواجهة معه، واستدراجه لأدوار ومهمات تحسم من رصيده في المهمات الوطنية الاساسية». جنبلاطواعتبر رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط ان «المعارضة أسقطت بأدائها كل مقولات الشراكة التي كررتها بشكل مملّ طوال الأشهر الماضية»، وسأل «كيف تتمّ الشراكة مع أطراف تمارس سياسة الافقار المنظم بحق الشعب اللبناني من خلال احتلال الساحات وإقفال المؤسسات الاقتصادية والسياحية والتجارية؟ وكيف تتم الشراكة مع قوى تعتنق وتمجد ثقافة الموت على حساب ثقافة الحياة، وتبشر بالموت صباحاً ومساءً؟ وكيف تتم الشراكة مع قوى لا تنفك توزع شهادات بالوطنية يمينا ويسارا، وكأن أحدا فوّضها توزيع شهادات كهذه؟».جعجعواعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع «ان ما حصل بالامس «أمس الأول» يستحق التوقف عنده»، وأكد ان «الاحداث التي تحصل على الارض ليست بريئة، وان كانت الضحايا التي سقطت فيها بريئة»، كاشفاً عن «وجود نية لشلّ كل القوى الامنية في البلاد، فما يحصل من اعمال شغب وتفجيرات هنا وهناك ليس مصادفة».وأكد جعجع انه «اذا تكررت مشاهد الأمس مرة أخرى فلن يكون لمصلحة الفريق الذي يقوم بهذه الاعمال»، محذرا من انه «اذا سقط الهيكل فسيسقط على رؤوس الجميع، وليس على رؤوس اهالي عين الرمانة وحدهم»، ورأى ان «هيبة سلاح الحزب تُستعمل كل مرة في الداخل، وان كان السلاح غير ظاهر»، وأبدى أسفه «لوجود فريق مسيحي يؤمّن تغطية لفريق آخر يحاول الخربطة على الارض»، داعياً «الفرقاء المسيحيين الى اعادة النظر إلى موضعهم السياسي بعد احداث مار مخايل».
دوليات
قيادة الجيش اللبناني: التحقيقات جارية بأقصى الجدية والسرعة حزب الله : دماء الضاحية ليست جواز مرور لكرسي الرئاسة حركة أمل : جهات معروفة شاركت في إطلاق النار
29-01-2008