«عزيزي» للمستمع أو للمشاهد عبارة من الماضي يردّدها المذيعون والمذيعات يومياً في اذاعة وتلفزيون الكويت، كأنها عادة اعلامية. لِمَ «عزيزي» تحديداً؟! لم نسمع هذه المفردة في  مونت كارلو وسوا وBBC، ولا في ال CNN، ولا على لسان مقدّم البرامج المشهور لاري كينغ، أو أغلى مقدمة عالمياً أوبرا وينفري أو الفرنسي جاك مارتان. لماذا لا يقول مذيعو القنوات الفضائية العربية الخاصة كالمستقبل و LBC  و MBC  «عزيزي المشاهد»؟ إذاعة وتلفزيون الكويت بمختلف محطاتها وقنواتها لا تزال تقول «عزيزي»! إن عبارة «عزيزي المستمع أو المشاهد» خاطئة، لأن كلام المذيع موجه الى شخص واحد، ويفترض به أن يخاطب الملايين، فهذا ما يفرضه المنطق. لكل مجال أسلوب تعبير، فالكاتب يحدد الفئة المخاطبة سواء كانت مشاهدة أو قارئة أو مستمعة، وهذا ما يفرضه واضع الكتابة. لننتقل الى الجانب التاريخي لـ«عزيزي المستمع» أو «عزيزي المشاهد» أو حتى «عزيزي القارئ».

Ad

عندما طُبعت أول صحيفة كان منطقياً أن يقال «عزيزي القارئ» فالمقالات قد تكون موجهة الى وزير ما أو الى حكومة، وسرقت الاذاعة أسلوب الصحافة لأنها وسيلة أحدث منها.

بدأت الإذاعة البث من جهاز لاسلكي، وكانت أولى المحطات الإذاعية في العالم في الولايات المتحدة الأميركية عام 1920، ولكي يتمّ التفريق  بين الشرائح المخاطبة قيل «أعزائي المستمعين» Dear Listeners بسبب وجود موجات خاصة في قطاعي الجيش والشرطة. ثم انتقلت عدوى «عزيزي» الى التلفزيون الذي سرق تلك العادة الإذاعية وأعادها بالأسلوب نفسه. وجد المتخصصون في الإعلام أنه من المنطق الابتعاد عن الأسلوب السابق، فالمولودون في عهد التلفزيون كثر.أما المدافعون عن كلمة «عزيزي» فيقولون انها نوع من التحبّب، نرد بأنه أسلوب عقيم، فلغتنا العربية تحتوي على النداء، فلماذا لا تنادي الناس؟ ابتعدت المدرستان الأوروبية والأميركية عن هذا الأسلوب منذ سنوات إلا في الـTalk Show، حتى يميز بين المستمعين والحضور. إذن هناك مدافعون عن الأسلوب القديم، لكن حججهم واهية طبعاً، فكل الناس تتجه نحو برامج لا تحتوي على عبارة «عزيزي المستمع أو المشاهد» لأنها قريبة الى القلب، ومن الملاحظ أن من يستخدم مفردة «عزيزي» يتميز ببطء الإلقاء ونمطية التقديم، حتى الصحافة تخلصت من عبارة «عزيزي القارئ»! بعض المعدّين يتحملون بدورهم الخطأ الحاصل، فهم ينقلون حرفياً من الكتب، وكي يجعلوه عملاً إذاعياً لا سبيل أمامهم غير اقحام جملة «عزيزي المستمع» المنقذة، لماذا السرقة من الكتب والمجلات؟ على المعّد الحقيقي أخذ المعلومة وإعادة صوغها بأسلوب اذاعي. فما هي وظيفة عزيزي المستمع؟ وماذا أعطت؟ في حقيقة الأمر، ليس لها وظيفة في زماننا، ودورها الحالي تضييع معنى الجملة التي سيقدمها المذيع، فهل نحن أفضل من الأوروبيين والأميركيين الذين بدأوا بها في عشرينات القرن الماضي ثم تركوها، ونحن في بحر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم نزل يا أعزائي القراء!