ليست المرة الأولى التي تعود فيها رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو من المنفى إلى بلادها. فبعد عودتها المظفرة في ابريل 1986من بريطانيا على إثر نفيها من قبل الجنرال ضياء الحق، الذي أطاح بحكم والدها ذوالفقار علي بوتو، تكرر المشهد نفسه امس ولكن بعد تسوية سياسية مع حكم الجنرال برويز مشرف الذي لا يزال مستقبله السياسي رهن قرار المحكمة الباكستانية العليا. وصلت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو الى باكستان أمس بعد ثمانية اعوام امضتها في المنفى وكان في استقبالها 250 الفًا من انصارها في مدينة كراتشي التي تحولت الى حصن بعد شائعات عن تهديدات بوقوع إعتداء اسلامي. وخطت بنازير بوتو اولى خطواتها فوق تراب وطنها بعد سنوات الإقامة في المنفى. ونزلت رئيسة الوزراء السابقة، التي باتت تبلغ من العمر الآن 54 عامًا، والتأثر بادٍ على محياها، ببطء من الطائرة الآتية من دبي حيث كانت تقيم. وانتظرت لحظة قبل ان تضع رجلها اخيرًا على ارض مطار كراتشي المدينة التي تعد 12 مليون نسمة وحيث كان في انتظارها 250 الفًا من انصارها. وأكّدت بوتو من على متن الطائرة عزمها على متابعة مسيرتها ونضالها قائلة «لقد كبرت، تعلمت الكثير خلال السنوات العشرين الماضية، لكننا لا نزال نقاتل الدكتاتورية. نريد عزل المتطرفين وبناء باكستان افضل». ووعدت بوتو التي شغلت منصب رئاسة الوزراء مرتين (1988-1990 و1993-1996) باعادة الديمقراطية الى البلاد التي يترأسها الجنرال برويز مشرف منذ الانقلاب العسكري الأبيض الذي قاده في اكتوبر 1999. وتعتزم قيادة حزبها الى الانتخابات التشريعية المتوقعة في منتصف يناير 2008.وقالت بوتو لرويترز وهي تهبط من طائرة شركة طيران الامارات القادمة من دبي «أتوجه بالشكر الى الله وانا سعيدة للغاية لانني عدت الى بلدي وكنت أحلم بهذا اليوم.»وقامت بوتو التي كانت ترتدي زيا أخضر بتقبيل نسخة من القرآن ونزلت الى المهبط حيث كان مئات من افراد امن المطار المسلحين يقفون حراسة.الاستقبال المليونياما على صعيد الإستقبال الشعبي وبعد ان أحصت الشرطة حضور 250 الفا لاستقبال زعيمتهم، أكّد تاج حيدر المسؤول في حزب الشعب الباكستاني الذي اسسته بوتو، والتي يدعوها انصارها تحببًا "بي بي"، أن اكثر من مليون من انصارها يتجمعون في هذه الأثناء في حين لا يزال كثيرون منهم يتوافدون. وأفاد مسؤول محلي في الحزب ان انصار بوتو جاءوا من كل ارجاء باكستان سيرًا على الأقدام وفي الحافلات والقطارت والسيارات وعلى الدراجات الهوائية. هذا ويكن آلاف المعجبين احتراما حقيقيا لأول امرأة تتولى رئاسة وزراء في العالم الإسلامي.الخشية الأمنيةلكن بوتو وكذلك السلطات ابدت خشيتها من اعتداء اثر تهديدات اوردتها الصحافة عن لسان احد القادة الإسلاميين المتطرفين المقربين من حركة طالبان وتنظيم القاعدة اللذين ينشطان في شمال غرب البلاد.وقال مساعد وزير الاعلام الباكستاني طارق عظيم «ان بنازير بوتو شغلت رئاسة الوزراء مرتين وسيتوفر لها امن يتناسب والتهديدات». وينتشر في مدينة كراتشي اكثر من عشرين الف شرطي. وستحمي دروع مصفحة بوتو عندما ستقوم بمسيرة يتوقع ان تستمر 18 ساعة بين المطار وضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح. وتولى حراسة المطار نحو 2500 عنصر من قوات شبه عسكرية.قفزة في المجهول...لكن هذه العودة تشكل قفزة في المجهول بالنسبة الى رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة، على خلفية مفاوضات مع الرئيس برويز مشرف ترمي الى تقاسم السلطة بعد انتهاء الانتخابات التشريعية.كذلك تأثرت شعبية بوتو المعروفة بأنها «الطفل المدلل» لدى الأميركيين، بفعل المساومات مع مشرف والإختلاسات الضخمة للأموال العامة التي يُشتبه في انها ضالعة فيها مع مقربين منها. وكان نظام مشرف الذي يواجه ازمة سياسية وملابسات قضائية، شجع بوتو عبثًا على تأجيل عودتها. فهناك من جهة المرسوم الأخير الذي يمنحها العفو الرئاسي ويسقط بذلك عنها ملاحقات بتهم فساد، وهو الشرط الذي وضعته بوتو لتقاسم السلطة، لكنه يواجه اعتراض المحكمة العليا التي قد تعتبره غير صالح بعد عودتها ما يجعل من توقيفها امرًا ممكنًا. من جهة ثانية، فإن اي اتفاق بشأن تقاسم السلطة يتوقف على المستقبل السياسي غير الواضح لمشرف. وقد فاز الرئيس الباكستاني في الانتخابات الرئاسية بغالبية واسعة في السادس من اكتوبر لكن اعلان فوزه رسميًا معلّق بإنتظار صدور حكم خاص حول أهلية ترشحه وسلامة العملية الانتخابية.(باكستان - ا ف ب، رويترز)
دوليات
بنازير بوتو تعود إلى باكستان حاملة رسالة تغيير وأمل الآلاف تدفقوا على مدينة كراتشي لاستقبال زعيمتهم
19-10-2007