أثار التستر الواسع على التدهور العقلي للرئيس جو بايدن موجة من التعليقات الغاضبة، لكنها بقيت، في معظمها، بلا فعل حقيقي أو مطالب بالمحاسبة. يشبه الأمر الحديث عن الطقس دون محاولة تغييره، فيما يتكشّف يوماً بعد يوم حجم الخداع الذي مارسته دوائر بايدن والمحيطون به في الحزب الديموقراطي، كما كشفته الصحافة وكتب حديثة، أبرزها وصف تونکو فاراداراجان لكتاب «الخطيئة الأصلية» بأنه توثيق لـ«استيلاء يساري سرّي على رئيس عاجز».

البيت الأبيض، بتواطؤ وسائل الإعلام، سعى إلى جرّ رئيس شبه عاجز إلى الفوز بولاية جديدة ضارباً بعرض الحائط نزاهة المؤسسة الرئاسية. ومع تجاوزنا ليوم الذكرى (Memorial Day)، تُعيد النخبة السياسية في واشنطن استخدام أدواتها القديمة لصرف الأنظار: إثارة قضايا جانبية كاتهام الجمهوريين بتدمير نظام «ميديكيد»، أو الجدل حول خلاف ترامب مع جامعة هارفارد، كل ذلك لصرف النظر عن هذه الفضيحة.

Ad

الجمهوريون، إذا اكتفوا بالخطابات، فسيسهمون في ترسيخ هذا التستر. صحيح أن رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر، يعقد جلسات استماع، لكنها ما زالت محدودة النطاق. فموضوعات مثل توقيع الرئيس باستخدام «القلم الآلي» أو امتناع وزير العدل عن نشر تسجيل مقابلة بايدن مع المحقق روبرت هور تبدو تافهة مقارنة بما يُعتبر «عملية تبييض» تاريخية لتدهور رئيس البلاد.

إذا كانت أميركا جادة في حماية شعبها من الخداع السياسي، فعلى الكونغرس أن يفتح «تحقيقاً موسعاً بحجم أو يفوق جلسات فضيحة ووترغيت». الشخصيات المحورية في التستر – والمعروفة داخل أروقة السلطة باسم «البوليتبورو» – معروفة بالإسم: مديرة الحملة جنيفر أومالي ديلون، المستشار مايك دونيلون، مستشار البيت الأبيض ستيف ريتشيتي، كبير الموظفين السابق رون كلاين، ونائبيه بروس ريد وآني توماسيني، أنطوني بيرنال (رئيس موظفي السيدة الأولى)، والناطقون الإعلاميون تي.جي. دوكلو، أندرو بايتس، وكارين جان بيير، التي أصرت مرارًا على سلامة الرئيس الذهنية رغم الأدلة

حتى رئيس مجلس النواب مايك جونسون تحدث عن لقائه ببايدن في يناير 2024، حيث فوجئ بأن بايدن لم يكن على دراية بقرار تجميد تصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال – قرار يصب في مصلحة فلاديمير بوتين. من اتخذ هذا القرار؟ وإذا كانت هناك قرارات مشابهة على مستوى السياسة الخارجية، فهل اتخذها بايدن فعلاً؟ من وقّع على انسحاب أفغانستان الكارثي؟ ما دور أنتوني بلينكن أو جيك سوليفان في إدارة ملفات كبرى من دون تفويض رئاسي واضح، خاصة بعد هجوم حماس على إسرائيل؟ ولو تحرّك شي جين بينغ نحو تايوان، من كان سيتخذ القرار الأميركي المصيري؟ رئيس منتخب؟ أم طاقم غير منتخب يمارس الحكم خلف الستار؟

نعلم أن هذا الفريق ظل صامتاً فيما كان الرئيس يستجم على شواطئ ديلاوير، و«الحقيبة النووية» بجانبه

والآن، يبدو التركيز الإعلامي منصبًّا على مهاجمة ترامب أكثر من محاسبة طاقم بايدن أو كبار مسؤولي الحزب الديمقراطي. كل يوم تأخير في التحقيق هو فرصة لهؤلاء لمسح الوثائق، استبدال الهواتف، أو حذف الخوادم الإلكترونية، كما فعلت هيلاري كلينتون ذات مرة.

يجب على مايك جونسون وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ جون ثون فتح تحقيق واسع بسلطات استدعاء حقيقية، يشمل كل من خطط وأدار هذا التستر. فقد أشار مؤلفا «الخطيئة الأصلية» إلى أنهما تحدثا مع نحو 200 مصدر على صلة مباشرة بإخفاء تدهور بايدن العقلي. هؤلاء الشهود يمكنهم كشف خطة التضليل التي نفذها طاقم بايدن.

بايدن نفسه لم يعد محور القضية. بل هم من استغلوا تدهوره ليحكموا باسمه. إنهم يشبهون تلك الزمرة الصغيرة التي أدارت ووترغيت، ويكفيهم اجتماع في قاعة متوسطة الحجم في فندق ووترغيت ليجسدوا فضيحة جديدة في سجل السياسة الأميركية.

* كين خاشيجيان