في ظل التحولات المتسارعة في مشهد التعليم العالي بالكويت، يأتي تأسيس جامعة عبدالله السالم كخطوة استراتيجية نحو تحقيق إضافة نوعية، لا كمجرد تكرار لجامعة الكويت، بل كرافد وامتداد يُثري المشهد الأكاديمي ويعزز قدرات الدولة في مجال البحث والابتكار والتعليم العالي.
قد يتساءل البعض: لماذا تحتاج الكويت إلى جامعة حكومية ثانية؟ والإجابة قد لا تكمن في الأرقام فقط، بل في الفلسفة. فجامعة عبدالله السالم جاءت برؤية مختلفة، تحمل في جوهرها طابعاً حديثاً يُواكب متطلبات المرحلة القادمة من حيث التخصصات، آليات التدريس، والهيكل الأكاديمي المرن. وهي ليست صورة مستنسخة من جامعة الكويت، بل جامعة مكملة لها.
في هذا السياق، مذكرة التفاهم الموقعة بين الجامعتين أخيراً تبعث برسالة مهمة: العلاقة ليست علاقة تنافس، بل علاقة تكامل وتعاون. تفاهم يهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي، وتبادل الخبرات، واستخدام الموارد بشكل أمثل، من المكتبات، إلى المرافق البحثية، إلى الإشراف المشترك على المشاريع العلمية. هذا الاتفاق يُعيد تعريف المفهوم التقليدي للعلاقة بين مؤسسات التعليم العالي داخل الدولة الواحدة، حيث لم تعد الحدود الفاصلة بين الجامعات مبرراً للتكرار أو التوازي، بل دافعاً للانفتاح والتعاون.
جامعة الكويت، بتاريخها العريق، وكوادرها المتمرسة، تُمثل العمود الفقري للتعليم العالي في البلاد، وها هي اليوم تمد يدها لشقيقتها الوليدة، لا من موقع وصاية، بل من موقع شراكة، بما يعكس نضجاً مؤسسياً وطنياً يستحق الإشادة. أما جامعة عبدالله السالم، فهي تُبنى بعناية لتكون منارة للتخصصات المستقبلية في الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، والتكنولوجيا الحيوية وغيرها.
إن هذا التكامل لا يصب فقط في مصلحة الطلبة والباحثين، بل في مصلةح مشهد التعليم العالي في دولة الكويت. فكل اقتصاد قائم على المعرفة يحتاج إلى منظومة جامعية متكاملة لا متقاطعة، متعددة لا مكررة، متنوعة لا متشابهة. ووجود جامعتين حكوميتين تعملان بتناغم سيُتيح للكويت فرصًا أكبر لتطوير رأس المال البشري، وتعزيز الإنتاج البحثي، ورفع كفاءة التعليم.
لذا، فإن الاتفاق بين جامعة الكويت وجامعة عبدالله السالم لا ينبغي أن يُقرأ كمجرد إجراء إداري، بل يُمثّل تحولاً فكرياً في منهج إدارة التعليم العالي في الكويت. إنّه يعكس نضجاً في فهم دور المؤسسات الأكاديمية كمكونات تكاملية لا متنافسة. والأمل معقود على أن تمتد هذه الروح التعاونية لتشمل مراكز الأبحاث، والمؤسسات الوطنية، وصولاً إلى شراكات إقليمية ودولية، فالتحديات المعاصرة لا تُواجه بالتكرار والتوازي، بل بالتنسيق العميق وتكامل الجهود لصناعة مستقبل مستدام قائم على المعرفة.
رسالة
أهنئ المركز العلمي وجميع القائمين عليه من مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية وكل العاملين فيه بمناسبة الافتتاح التجريبي لمشروع التوسعة. هذا الإنجاز يعكس جهوداً مخلصة ورؤية طموحة للنهوض بالمركز إلى آفاق جديدة من التميز العلمي والثقافي. كلي ثقة بأن هذه الخطوة ستعزز من مكانة المركز كمَعْلَم وطني رائد في نشر الثقافة العلمية.