مع أولى لحظات الزيارة التاريخية المرحب بها، والتي يقوم بها الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع لوطنه الثاني الكويت، اليوم، يفتح الكويتيون بكل حب، أذرع الترحيب ويرفعون لافتات البشر والبهجة بأخ عزيز وقائد دولة شقيقة حبيبة إلى النفوس، في هذه الزيارة التي يُجري خلالها مباحثات رسمية مع أخيه سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، في محطة مهمة بمسار العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين.
الأخ الرئيس الزائر... ما أسعدنا ـ نحن الكويتيين ـ ونحن نشاهد سورية العربية الحبيبة الجميلة وهي تفك أغلالها محاولة النهوض على قدميها لتنفض عن نفسها غباراً قاتماً ران على كل شبر فيها، جراء عقود مظلمة عاشتها في حقبة من أصعب حقب تاريخها القديم والمعاصر.
إنه درس كبير لكل من تزاحمت عليه الهموم وتمالأ عليه الطامعون والكارهون، بأن وراء الظلمة نوراً ووراء القهر سبيلاً للتحرر مهما بدت الألوان قاتمة، ودرس لكل محبي هذه الأرض الطيبة بهذا الوطن العربي وحاضرته القديمة، بأن القهر لا يدوم وإذا دام دمر صاحبه، ولا مناص من عودة الحق إلى مستحقيه.
وكم تبلغ سعادتنا مداها الآن، ونحن نشاهد اليوم بلادكم العريقة وهي توقف جراحها النازفة، لتدخل مرحلة التقاط الأنفاس ولملمة الخيوط، وجمع المعطيات وإعادة التموضع بين محيطيها العربي والعالمي، وهو ما قطعت فيه إدارتكم الرشيدة خطوات ملموسة، للحفاظ على وحدة الشعب ووأد أبواق الطائفية والمناطقية والتفرق، وهو ما أسفر عن حفاظكم على وحدة البلاد وتوج – عبر دعم من أشقائكم في دول الخليج – برفع العقوبات الدولية عن بلادكم، لتتفرغوا إلى مرحلة البناء والتنمية، على أمل تحقيق التطلعات العالية المشروعة التي يلقيها كل السوريين ــ ونحن معهم ــ على كاهلكم، موقنين أنكم تستطيعون تلبيتها.
الرئيس الشرع... أهلاً بكم في الكويت، لأول مرة، وأهلاً بتوليكم سدة الأمر، وأهلاً بخطواتكم الباعثة على الإعجاب والتقدير، ومن هذا المنبر الشعبي الحر، نشد على أيديكم بأن الكويتيين وراء كل مصلح راغب في إعادة سورية قلباً نابضاً للعروبة وراية خفاقة ووطناً متحرراً تسوده العدالة بين جميع أطيافه، مشددين على أن بلادنا التي لم تتخلَّ عن سورية قط في أصعب لحظاتها حينما كانت تقاسي ويلات نظامها البائد، ما كان لها أن تتركها وهي تنهض إلى الأمام لترسم حاضراً مزهراً ومستقبلاً مشرقاً لكل أبنائها.
السيد الرئيس... مرة أخرى، وجودكم بيننا يسرنا، وزيارتكم تثلج صدورنا، لكن من حقنا نحن محبي سورية أن نستوصيكم ــ وإن كنا لا نحتاج إلى أن نوصي حريصاً ــ بسورية خيراً مهيبين بكم أن تكونوا دائماً عند حسن ظنها، وأن تضمدوا جراح مواطنيها، وأن تحملوها بحكمتكم ولباقتكم ودبلوماسيتكم إلى آفاق من النجاح والتنمية والازدهار، لأن شعباً يملك ما يملكه شعبكم من ماضٍ تليد وعقول راجحة ومواطنين مخلصين ونفوس طموحة كفيل أن يقود ويتصدر ويحتل المكانة التي تليق به.