طوفان الأقصى... هو اسم العملية التي قامت بها «حماس» فجر يوم السابع من أكتوبر 2023، معتقدة أنه سيغرق إسرائيل ويقلب أوضاعها، إلا أن تل أبيب لم تتأخر في الرد، واجتاحت قطاع غزة، وقتلت وجرحت آلاف الفلسطينيين وتجاوز عدد شهدائهم الـ50 ألفاً، والمصابين المئة ألف أغلبهم من الأطفال والعجائز، فضلاً عن تهجير سكان القطاع الذي دمرته وهدمته، واتخذت من استمرار تواجد حماس في غزة حجة ومبرراً لاستمرار تصفية باقي الشعب الغزاوي، وهو ما لن يتوقف حتى يستسلم ما تبقى من قيادات حماس الميدانية وترحل عن القطاع. وهو ما أعلنته منذ أول أيام القتال بأنه لا عودة لحماس التي يبدو أنها غير عابئة بالثمن الذي يدفعه الغزاويون من دمائهم واختفاء عائلات بأكملها وأخيراً تجويع سكان القطاع بعد منع دخول الغذاء والدواء إليه... وأصبحت غزة أكثر مكان في العالم جوعاً، حسب تصريحات مسؤولي الأمم المتحدة.
ولعل حماس فطنت لتوها لما توقعه بعض المراقبين في حينها ومنذ بدايات تلك الأحداث... بأن ما تم يوم السابع من أكتوبر لم يكن «طوفاناً أقصى» فلسطينياً... بل هو مجرد «مكيدة» إسرائيلية لتوريط حماس في حرب جديدة، وبأن كل ما تم في فجر ذلك اليوم من سهولة ويسر في دخول حماس لتلك المستوطنات وأسر المئات في غياب الأمن الإسرائيلي ودون أي مقاومة تذكر... هو مجرد سيناريو سينمائي أخرجه نتنياهو.
ولا تزال حماس، التي تفردت بقرار المقاومة المسلحة، وخرجت على الشرعية الفلسطينية على الرغم مما سبق، تتمسك بشعارات المقاومة.
ولإنهاء المأساة في غزة يجب على حماس وبقية الفصائل الإسلامية المسلحة التقدم بمبادرة سلام توقف القتال للمحافظة على ما بقي من القطاع.
ويمكن لهذه المبادرة أن تتضمن:
- تسلم حماس وبقية الفصائل المسلحة سلاحها كمبادرة حسن نية لإنهاء الحرب... للسلطة الفلسطينية أو لإحدى دول المواجهة العربية، كمصر أو الأردن.
- ضمان دولي يوفر «خروجاً آمناً» لقياداتها ومقاتليها من القطاع، وترك الاختيار لها في تحديد مكان إقامتها الجديد حتى إن كان في الضفة الغربية.
- تتخلى عن إدارة غزة التي تسلم للسلطة الفلسطينية الشرعية.
- تتخلى حماس وبقية الفصائل الفلسطينية الإسلامية المسلحة عن فكرة المقاومة المسلحة نهائياً... والاكتفاء بالعمل السياسي من خلال تمثيلها في منظمة التحرير الفلسطينية.
وهذا الأمر ليس بجديد أو مستنكف، حيث سبق لبقية الفصائل الفلسطينية التاريخية، مثل فتح وغيرها... أن تخلت عن سلاحها واكتفت بالعمل السياسي من داخل منظمة التحرير... وكذلك وكما هو مقترح حالياً على حزب الله في لبنان التخلي عن جناحه العسكري والاكتفاء بالجناح السياسي.
- السعي الجاد لتوحيد الصف الفلسطيني وتوحيد آمال شعبه... وذلك من خلال مد يد التعاون مع السلطة الفلسطينية، والعمل من داخل منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لتحقيق مطالبه المنشودة، والمتمثلة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أرضها وعلى حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967 من خلال «حل الدولتين»... المتوافق عليه عربياً وإسلامياً وأوروبياً ودولياً.