في وقت حساس، وفيما تجري طهران وواشنطن العديد من جولات المحادثات بشأن اتفاق نووي محتمل، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التوصل إليه، نددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتعاون إيران «الأقل من مُرضٍ» بشأن برنامجها النووي، محذرة من أن طهران كدست يورانيوم مخصباً بنسبة 60% يمكن تخصيبه بسرعة لمنسوب أعلى وصنع نواة 10 قنابل نووية، إذا اختارت الجمهورية الإسلامية السعي لامتلاكها.

ونقلت وكالات أنباء دولية عن تقرير الوكالة، أن إيران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المئة القريبة من مستوى 90% المطلوب للاستخدام العسكري.

Ad

ولفت التقرير إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة بلغ 408.6 كلغ في 17 مايو بزيادة 133.8 كلغ خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة مقارنة بزيادة بمقدار 92 كلغ خلال الفترة السابقة.

وكتبت الوكالة في التقرير، أن «هذه الزيادة الكبيرة في إنتاج إيران، الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مثل هذه المادة النووية، وتخزينها اليورانيوم العالي التخصيب... يثيران مخاوف كبرى».

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن تقرير ثانٍ وضعته «الوكالة الذرية» بطلب من الدول الغربية بناء على قرار صادر في نوفمبر، نددت الوكالة بتعاون إيران الذي وصفته بأنه «أقل من مرضٍ» بشأن برنامجها النووي.

وكتبت «الوكالة الذرية» في التقرير الثاني أيضاً، أن «إيران في مرات عدة إما لم تجب أو لم تقدم إجابات ذات مصداقية من الناحية الفنية عن أسئلة الوكالة ونظّفت» مواقع، وهذا ما «أعاق أنشطة التحقيق» في ثلاثة مواقع تشتبه الوكالة بأنها شهدت أنشطة نووية غير معلنة، هي لاويسان شيان وورامين وتورقوز آباد.

وشدد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي على أن «إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية، التي تخصّب اليورانيوم إلى هذا المستوى».

وأضاف أنه «يكرر دعوته الملحة لإيران بالتعاون الكامل والفعال» مع «الوكالة الذرية».

تصعيد خطير

جاء ذلك في وقت تستعد الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة و«الترويكا الأوروبية» بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لدفع مجلس حكماء «الوكالة الذرية»، خلال اجتماعه المقرر في 9 يونيو الجاري، الى إدانة إيران رسمياً، بانتهاك التزاماتها الخاص بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لأول مرة منذ 20 عاماً، ما ينذر بتصعيد خطير في الملف النووي.

ورغم أن الخطوة قد لا تصل فوراً إلى مجلس الأمن، كما حدث عام 2006 عندما تمّت إحالة الملف الإيراني رسمياً، إلا أن مجرّد صدور القرار سيكون كفيلاً بتأجيج الخلاف مع طهران، التي لوّحت على لسان مسؤول رفيع بأنها سترد على القرار بـ«توسيع الأنشطة النووية بما يتماشى مع مضمونه».

المسار الأميركي

ويُنذر التحرك الغربي الذي تعارضه روسيا والصين، بتعقيد إضافي في المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن حول فرض قيود جديدة على برنامج إيران النووي المتسارع.

ورغم عدم تحديد موعد لجولة المباحثات السادسة، التي تتم بوساطة سلطنة عمان، جدد ترامب، ليل الجمعة ـ السبت، قوله إنه يؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران في المستقبل القريب، مؤكداً ضرورة منعها من الحصول على سلاح نووي.

في المقابل، شدد وزير الخارجية رئيس الوفد الإيراني المفاوض عباس عراقجي على أنه «إذا كانت المشكلة هي الأسلحة النووية، نعم، نحن نعتبرها غير مقبولة ومتفقون معهم بتلك النقطة»، لكنه أكد تمسك طهران بإجراء تخصيب اليورانيوم على أراضيها ورفضها للضغوط التي تمارسها إدارة ترامب وإسرائيل من أجل منع تلك العملية بشكل كامل.

وأكد عراقجي أن أنشطة إيران النووية ذات طابع سلمي، محذراً من أن المخاوف الغربية لا يمكن أن تكون مبرراً لإملاءات تنكر حقنا في التخصيب ولانتهاك الحقوق القانونية للإيرانيين.

وختم قائلاً: «عندما يُقال لنا إنه لا ينبغي لكم امتلاك برنامج تخصيب لأننا قلقون، فإن هذا الكلام مرفوض تماماً من الشعب الإيراني، لأنه يعني القبول بهيمنة الآخرين، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق».

استعداد إسرائيلي

وفي وقت، نشرت مجلة «فوربس» تقريراً ذكرت فيه أن إسرائيل ربما تستعد لتنفيذ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية باستخدام مقاتلات «F-35» الشبحية، حذر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان نادر خلال العطلة اليهودية يوم السبت من أن تقرير «الوكالة الذرية» يظهر أن هدف برنامج إيران النووي ليس سلمياً، داعياً المجتمع الدولي للتحرك الآن لوقف برنامجها النووي.

واستدل مكتب نتنياهو الذي تشهد علاقته مع ترامب توتراً بسبب سعي الأخير لإبرام اتفاق دبلوماسي مع طهران، بالتقرير الذري للتأكيد على أن «إيران لا تزال عازمة على استكمال برنامجها للأسلحة النووية».

وذكر أن مستوى تخصيب اليورانيوم، الذي وصلت إليه طهران «لا يوجد إلا في الدول التي تسعى بنشاط لامتلاك أسلحة نووية، وليس له أي مبرر مدني على الإطلاق».

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أقرّت سابقاً بأن إيران امتلكت برنامجاً نووياً سرياً ذا طابع عسكري حتى عام 2003، وهو ما تنفيه طهران، مؤكدة أن نشاطها النووي محصور في الأغراض السلمية فقط.

وبينما يضع تقرير الوكالة الدولية وتحذير نتنياهو ظلالاً رمادية على مستقبل الأمن الإقليمي واحتمالات التوصل إلى تسوية دبلوماسية بين طهران والغرب، قدم تقرير استخباراتي نمساوي تقييماً جديداً لبرنامج إيران النووي، ذكر أنه لايزال نشطاً بفعل «المراوغة والالتفاف» على العقوبات الغربية وكشف عن شبكة جواسيس تابعة لـ«الحرس الثوري» تعمل في مصانع أوروبية بهدف نقل تقنيات حساسة لتطوير البرنامج الصاروخي.