عندما قررت قطر التحول إلى مركز رياضي عالمي، لم يكن ذلك بدافع الترف أو حب الأضواء، بل كان مشروعاً استراتيجياً واضح المعالم، قوامه قناعة بأن الرياضة أصبحت صناعة ثقيلة توازي في تأثيرها ملفات السياسة والاقتصاد، فضلاً عن تأثيرها المادي والسياحي، فبينما لا تزال بعض الدول تتعامل مع البطولات الرياضية كأنها «مناسبات موسمية» كانت قطر تبني على المدى البعيد.

قبل أيام فقط، استضافت الدوحة قرعتي بطولتي كأس العالم للناشئين تحت 17 سنة وكأس العرب، وهما بطولتان ستنظمان هذا العام وستستمر قطر في استضافتهما لسنوات، بطولة الناشئين منحها «فيفا» خمس نسخ متتالية، وكأس العرب ثلاث نسخ، وهذا ليس حباً في المجاملات، بل لأن العالم بات ينظر إلى قطر كمثال يُحتذى في التنظيم والجاهزية والبنية التحتية.

Ad

الأمر لا يتوقف عند الملاعب الجميلة ولا «الواي فاي المجاني في المدرجات»، بل في بناء منظومة متكاملة تدير الفعاليات بجودة واحتراف، ويكفي أن الاتحاد الدولي لكرة القدم وافق على اعتماد بطولة كأس العرب، رغم أن نظامه الداخلي لا يعترف بأي بطولة تقام على أسس عرقية أو قومية، لكن «العلاقات القطرية» فرضت نفسها بثقة.

قد يظن البعض أن وهج قطر سينطفئ بعد تنظيمها أفضل نسخة لكأس العالم في عام 2022، لكن الحقيقة كما يبدو أن المونديال لم يكن قمة المشروع، بل كان محطة على الطريق، فقبله نظمت مئات البطولات، لعل أبرزها على سبيل المثال لا الحصر كأس العالم لكرة اليد 2015، وبطولة العالم لألعاب القوى 2019، وها هي الدوحة تسعى لاستضافة كأس العالم لكرة السلة 2027، في الوقت الذي تتحضر فيه لتقديم ملف استضافة دورة الألعاب الأولمبية بعد ضمانها دورة الألعاب الآسيوية 2030، للمرة الثانية، بعد نسخة 2006 التي لا تزال توصف بـ«ألعاب العمر».

وفي الوقت الذي تسير فيه قطر بخطى ثابتة نحو الألعاب الأولمبية، نجد في الكويت أن أقصى طموحنا ما زال عالقاً بين تصريح صحافي و«نية مستقبلية». لا خطط، لا خرائط طريق، بل مجرد أحلام شفوية تُروى في المؤتمرات وتُنسى في اليوم التالي، حتى ملف استضافة كأس آسيا الذي تم الإعلان عن التقدم له، بدا وكأنه «إعلان نوايا» أكثر منه مشروعاً فعلياً، لا لجان، لا دراسات، ولا حتى حملة ترويجية تليق بطموح قاري، وكأن الملف أُرسل في ظرف بني تحت بند «من باب المحاولة».

ففي الكويت، نُجيد الكلام أكثر من التنفيذ، ونعيش على أطلال «تاريخنا الرياضي»، بينما الآخرون يكتبون حاضرهم ومستقبلهم بمداد البطولات والميداليات.

بنلتي

باختصار، إذا كانت قطر تبني وطناً رياضياً فنحن نكتفي ببناء توقعات «في التصريحات»! فمتى نعي أن قطر لا تنظم البطولات، بل تبني وتحافظ على مستقبلها بها.