في ظل التغيُّرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التقنية، والصناعة، وسوق العمل، أصبح تطوير التعليم ضرورة حتمية، لضمان تنافسية أبنائنا وبناتنا على المستوى العالمي.
إننا نؤمن بأن المجلس الأعلى للتعليم (إن وُجد) هو مَنْ يضع الاستراتيجيات التعليمية الواضحة لتحديد الأهداف التربوية التي تعكس رؤية الدولة التنموية، وتوحيد المعايير التعليمية بين المناطق التعليمية والمدارس، إضافة إلى ضمان مشاركة الخبراء التربويين وأصحاب المصلحة في صُنع القرار. وبناءً على ذلك يتم تحديث المناهج والكُتب الدراسية، ومراجعة المحتوى التعليمي بشكل دوري، لاستبعاد المعلومات القديمة، وإدخال المستجدات، ودمج المهارات العصرية، مثل: التفكير النقدي، وحل المشكلات، والابتكار، وريادة الأعمال، والمهارات الرقمية (البرمجة، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات). ومهم جداً ربط المناهج باحتياجات سوق العمل والمهن المستقبلية، والتكامل بين التعليم وسوق العمل، بالتعاون مع القطاع الخاص والجامعات، لتحديد المهارات المطلوبة، وتعزيز التعليم التقني والمهني لتخريج كوادر مؤهلة.
فالعلاقة بين المناهج بالتطورات العلمية والصناعية علاقة حتمية.
إن العالم يشهد ثورة صناعية رابعة تقوم على التقنيات الحديثة، مما يستدعي إعادة هندسة المناهج، لتواكب هذه المتغيِّرات، وذلك من خلال:
مواكبة التقدُّم العلمي والتقني، بإدراج مفاهيم الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والبيانات الضخمة في المناهج، وتعزيز التعلم القائم على التجارب والمشاريع العملية.
هل الدولة على استعداد للمهن المستقبلية؟ وفق دراسات منظمة العمل الدولية، فإن 65 في المئة من طلاب اليوم سيعملون في وظائف غير موجودة حالياً.
لذلك يجب أن تركز المناهج على المهارات الناعمة (الإبداع، والقيادة، والعمل الجماعي)، والتكيف مع التغيير، في ظل التحولات الاقتصادية، وربط التعليم بالصناعة، والتعاون مع الشركات الرائدة لتصميم مناهج تلبِّي احتياجات القطاعات الناشئة، وإنشاء برامج تدريبية مشتركة بين المدارس والشركات.
إن تطوير التعليم هو استثمار في مستقبل الأمة، والمجلس الأعلى للتعليم يمثل آلية حيوية لتحقيق ذلك، فهو يلعب دوراً محورياً في رسم السياسات التعليمية، وتحديث المناهج، بما يتوافق مع هذه المتغيِّرات، وهو ما يتطلَّب تضافر جهود جميع القطاعات المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة.
إن وجود مجلس أعلى للتعليم يُعد ركيزة أساسية لضمان جودة التعليم ومواكبته للتطورات،
وأرى ضرورة إدراج مواد جديدة حول المهارات المستقبلية، مثل: الاقتصاد الأخضر، والأمن السيبراني، وتبني نظام تعليمي مرن يراعي الفروق الفردية ويُعزز الإبداع.
* عضوة سابقة في لجان تأليف مناهج وزارة التربية