اُختتمت في العاصمة اللبنانية الأحد الماضي الدورة السادسة والستون لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، الذي نظَّمه النادي الثقافي العربي، وسط حضور ثقافي وإعلامي واسع.
المعرض، الذي أُقيم في سي سايد أرينا– الواجهة البحرية، جمع أكثر من 100 دار نشر من لبنان والعالم العربي، مما أتاح للزوار فرصة الاطلاع على آلاف العناوين بمختلف المجالات، الفكرية، والأدبية، والعلمية.
واعتُبر هذا الحدث محطة رئيسية لعشاق القراءة، حيث فتح المجال أمام النقاشات الفكرية والحوارات الثقافية، من خلال سلسلة من الفعاليات، التي شملت: ندوات أدبية، وأمسيات شعرية، وتوقيعات كُتب، ومعارض فنية، إضافة إلى أنشطة ترفيهية للأطفال، مما عزز الجانب التفاعلي للمعرض.
وكان اليوم الأول للمعرض شهد العديد من الفعاليات المهمة، من بينها ندوة «ما وراء الحملة على الإعلام البديل»، التي شارك فيها الأستاذ حازم الأمين، والأستاذة ديانا مقلد، وتناولت محاور، مثل: واقع الإعلام البديل، والتحديات والضغوط التي تواجه الصحافيين المستقلين، ومستقبل الإعلام الرقمي في ظل التطورات التكنولوجية.
كما عُقدت ندوة «الذكاء الاصطناعي والتربية»، بمشاركة أ. ميسون شاهين، وأ. أحمد العوا، والبروفيسور سليم الصايغ، ود. هيام إسحق، حيث ناقشوا أثر الذكاء الاصطناعي على المناهج التعليمية، وإمكانيات الحوكمة في التعليم الرقمي، ودور الأجيال الجديدة في تشكيل مستقبل التعلم الذكي.
إلى جانب ذلك، استضاف المعرض توقيع كتاب «أفكار متقاطعة» للكاتب محمود القيسي، الذي لاقى إقبالاً كبيراً من القراء والمثقفين. كما شهدت الفعاليات أمسية شعرية متميزة للشاعر العراقي شوقي عبدالأمير، حيث تفاعل الجمهور مع قصائده، التي تمزج بين الأصالة والتجديد.
إن نجاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يُبرز أهمية تنظيم فعاليات ثقافية مشابهة في دول المنطقة، ومنها الكويت، التي تمتلك إرثاً ثقافياً غنياً يمكن تعزيزه عبر إقامة معرض عربي وإقليمي للكتاب، يشمل دور نشر من مختلف الدول، مع تقديم تسهيلات لمشاركة الكُتاب والمفكرين.
وتستطيع وزارة الإعلام الكويتية والمؤسسات الثقافية أن تستلهم من هذه التجربة، وتعمل على تحفيز المجتمع للكتابة والإبداع، عبر تنظيم ندوات فكرية وحوارية، ومحاضرات، وعروض مسرحية تراثية، وأمسيات شعرية، وحفلات غنائية تضم ألحاناً عالمية، وعروض أوركسترا، مما يُسهم في وضع الكويت بمسار التنمية الثقافية، وترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للمعرفة والأدب والفنون.
إن الاستثمار في الثقافة ليس مجرَّد تعزيز للموروث الفكري، بل هو أيضاً رؤية استراتيجية لبناء مجتمع أكثر وعياً وشغفاً بالمعرفة، حيث يفتح المجال أمام الجمهور لتذوق الأدب والفنون، وتوسيع آفاق الفكر والنقاش، بما يعزز الهوية الثقافية، ويُكرِّس مكانة الكويت كمحور للإبداع والتنوير في المنطقة.