أحياناً يقع حدث معيّن أو خطوة حكومية تجاه قضية من القضايا، فيحاول طرف معيّن تجييرها ضد خصومه السياسيين، فمثلاً عندما أوقفت الحكومة العمل الخيري مؤقتاً، فرح خصوم القائمين على العمل الخيري، وراحوا يكيلون التهم ويعممون الإدانات على جميع العاملين فيه، وكل ذاك في كلام عام يسيء إلى كل الجمعيات، دون أن يستندوا إلى دليل ملموس أو تقديم بلاغ إلى النيابة ضد شخص أو جمعية معينة، ودون أن تقدم الحكومة أي اتهام لأي أحد حتى الآن، وأيضاً دون صدور أحكام قضائية على أي جمعية خيرية، مع أن قواعد الدين والقانون تنص على أن البيّنة على مَن ادّعى، وأن الأصل هو البراءة حتى تثبت الإدانة في محاكمة كاملة وعادلة، وكان على الخصوم أن يُعملوا مبادئهم في هذه الظروف ويطالبوا الحكومة بسرعة بيان الأدلة ورفع الإيقاف عن الأبرياء.

كذلك عندما أمر وزير التربية بإعادة وضع أو تحديث المناهج في وزارة التربية، انتهز بعض الفرقاء هذه الفرصة لضرب منهج التربية الإسلامية واتهام المناهج الإسلامية بالإرهاب والتطرف وأنها سبب التخلف، دون أن يأتوا بمثال واحد يدل على وجود التطرف والتخلف في المناهج، ويقدموه للمختصين والمتخصصين، رغم أن الدين الإسلامي هو دين العلم والإعجاز العلمي.

Ad

هكذا يحاول البعض استغلال الأحداث لضرب الآخر وتشويهه بعيداً عن الطرح العلمي الرزين.

كان على هؤلاء الفرقاء والسياسيين وأصحاب الرأي أن يكونوا منصفين حتى مع خصومهم السياسيين، وعندنا أمثلة رائعة من مجلس الأمة، فقد وقف المستقلون والليبراليون موقف الداعم للوزير عادل الصبيح أثناء استجوابه، لأنهم كانوا مقتنعين بأدائه رغم الاختلاف في التوجه، وكذلك وقفوا معي لأن الاستجواب المقدّم لي كان غير دستوري، وأيضاً وقف التجمع السلفي مع الوزير يوسف الإبراهيم أثناء طرح الثقة، لأن ذلك الطرح لم يكن له ما يبرره، وهناك أيضاً أمثلة أخرى كثيرة، فما أجمل أن يتحلى الفرقاء في بلدنا بالإنصاف في حكمهم على الآخرين وخصومهم السياسيين.

إن الذين يستعجلون الاتهام وتعميم أي خطأ على جميع خصومهم الآخرين دون تمحيص أو دليل لمجرد الخصومة السياسية إنما يسيئون إلى أنفسهم ومصداقيتهم، ويخالفون مبادئهم أيضاً، وعملهم هذا عظيم الضرر بالمجتمع، لأنه يؤدي إلى إحلال النقاش الفوضوي والكراهية محل النقاش العلمي والجدال بالتي هي أحسن، كما يؤدي إلى التنازع والكراهية في البلاد، في وقت هي أحوج ما تكون إلى التفاهم والتعاون واحترام القانون والطرح العلمي القائم على الدليل والحجّة البيّنة في كل موضوع.