بعد وقت قصير من تولي جيرالد فورد الرئاسة عام 1974، التقى كل من ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، وهما من كبار موظفي البيت الأبيض، آنذاك، الاقتصادي آرثر لافر والكاتب في صحيفة «وول ستريت جورنال» جود وانيسكي. كان اللقاء يتمحور حول رفضهما لنية الرئيس فورد رفع الضرائب.

خلال العشاء، رسم لافر منحناه الشهير على منديل، موضحاً أن العائدات الضريبية ترتفع مع ارتفاع المعدَّلات الضريبية فقط إلى حدٍّ معيَّن، ثم تبدأ في الانخفاض، لأن الأفراد يقللون من العمل والاستثمار. وكتب على المنديل: «إذا قللت الضرائب على منتج، فستحصل على المزيد منه، وإذا دعمت منتجاً، فستحصل على المزيد. لقد فرضنا الضرائب على العمل والدخل، وقدَّمنا الدعم للبطالة والكسل... والنتائج واضحة!».

Ad

هذه الفكرة شكَّلت حجر الأساس لما بات يُعرف لاحقاً باقتصاد جانب العرض، وهو النهج الذي لعب لافر دوراً محورياً في ترسيخه خلال العقود الماضية، وكان له أثر ملموس في قانون التخفيضات الضريبية الذي أقرَّه الرئيس ترامب عام 2017.

يقول ترامب في مقدمة كتاب لافر الأخير (للضرائب عواقب): «استجابت الشركات للتحفيزات الجديدة: ازداد إنتاجها وأرباحها، وتقلَّصت الملاذات الضريبية، وارتفعت عائدات الضرائب غير المباشرة بشكل يفوق الانخفاض في عائدات ضرائب الشركات».

لكن لافر يرى أن بعض الجمهوريين اليوم نسوا هذه الدروس. فهناك مَنْ يدعو لرفع الضرائب على الشركات والأثرياء لتمويل تحويلات إلى الطبقة العاملة. ورد لافر الحاسم: «لا تفعلوا ذلك».

ويضيف: «كل مرة نرفع فيها الضرائب على الـ1 في المئة الأعلى دخلاً، تنخفض إيرادات الضرائب منهم، ويضعف الاقتصاد. وكل مرة نخفض فيها الضرائب عليهم، يتحسَّن الأداء الاقتصادي». منذ إنشاء ضريبة الدخل عام 1913، تغيَّرت معدَّلاتها العليا من 7 إلى 94 في المئة، لكن إيراداتها من الأثرياء ظلت بين 1 و3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

في عشرينيات القرن الماضي، أدَّت تخفيضات الضرائب إلى ازدهار اقتصادي، لكن سياسات الحماية الجمركية التي اتبعها الرئيس هوفر، خصوصاً قانون «سموت-هاولي» عام 1930، أدَّت إلى تراجع حاد في الأسواق، وردود فعل انتقامية من دول أخرى، مما فاقم الكساد الكبير. وفي عام 1932، رفع هوفر الضرائب مجدداً بشكل كبير، مما أدَّى إلى مزيد من التدهور الاقتصادي.

يعتقد لافر أن سياسات الضرائب والرسوم، وليس السياسة النقدية فقط، هي ما أطال أمد الكساد. ويقول إن الرئيس روزفلت زاد الطين بلة، بفرض ضرائب على أرباح الشركات غير الموزعة، وتوسيع برامج الإنفاق الحكومي التي زاحمت الاستثمارات الخاصة.

الدرس، برأيه، واضح: رفع الضرائب على الأغنياء يضر بالجميع، فيما خفضها يعود بالنفع على الجميع، حتى الفقراء. ويشير إلى عقود الازدهار في الستينيات والثمانينيات والتسعينيات، وكذلك خلال إدارة ترامب.

رغم انطلاقه سياسياً ضمن إدارة نيكسون، فإن لافر لم يكن حينها واثقاً من قوة حججه، نظراً لصغر سنه. لكنه اليوم، وهو في سن 84، لا يتردَّد في توجيه انتقادات حادة، ويصف رؤساء مثل جونسون ونيكسون وكارتر، بأنهم «أكبر تجمُّع للجهل الاقتصادي في تاريخ البشرية».

كان لافر من أوائل مَنْ دعموا التخفيضات الضريبية في ولاية كاليفورنيا خلال سبعينيات القرن الماضي، وكان أحد مهندسي «مبادرة الاقتراح 13»، التي حدَّت من الضرائب العقارية. ويؤكد أن هذه التجربة غيَّرت قناعات ريغان، الذي أصبح لاحقاً من أبرز المدافعين عن خفض الضرائب في الثمانينيات.

الغريب أن لافر دعم أحياناً ديموقراطيين أكثر من جمهوريين، مثل: جون كينيدي، وجيري براون، وبل كلينتون، بشرط أن يتبنوا سياسات ضريبية محفزة للنمو. وقد صوَّت لكلينتون عام 1996 رغم رفعه الضرائب سابقاً، لأنه دعم لاحقاً إصلاحات ضريبية، وأخرى في نظام الرعاية الاجتماعية.

ويأمل لافر أن يظهر ديمقراطيون جُدد على خُطى كلينتون، ويشير إلى حاكم كولورادو جاريد بوليس، وحتى حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، كمرشحين مُحتملين للعودة إلى سياسات خفض الضرائب.

وفي نظره، فإن السبيل إلى الازدهار المُستدام يكمن في تخفيض ضريبة الشركات إلى 15 في المئة، وتوسيع التخفيضات الضريبية لعام 2017، والابتعاد عن الإعفاءات الضريبية المخصصة التي تقلص القاعدة الضريبية دون تحقيق نمو فعلي.

يختم لافر حديثه متفائلاً: «كل ما أتمناه الآن أن أعيش حتى المئة، لأشهد هذا العصر المزدهر القادم».

*كيمبرلي سترسل