الحقيقة أن المرء يستغرب وينزعج عندما تخرج علينا بين الحين والآخر ادعاءات عدائية ضد دولة الكويت وتحديداً من نواب وميليشيات مسلحة، وكان آخرها تصريحات خطيرة للبعض يطالبون فيها بإلغاء اتفاقية خور عبدالله المُرسم دولياً والمُوافق عليه عراقياً، وكأن الكويت هي الظالمة للعراق، وليس العكس.

تلك الدعوات النشاز دائماً ما تأتي كلما تأزمت أمور عراقية داخلية، فيتغافلون عن سببها وعمن وراءها ليرموا بأحقادهم على الكويت، هذه المرة أتت مزايداتهم متزامنة مع توقيت عقد القمة العربية الأخيرة في بغداد، رافقتها تصريحات وتهديدات نارية ضد حضور الرئيس أحمد الشرع المعترف به عربياً ودولياً.

Ad

تلك التهديدات صدرت عن ميليشيات تدعي أنها عراقية، ولكن ولاءها الواضح للخارج، ما جعلنا نشك في أن هناك أيادي خارجية لا تريد لا للكويت ولا للعراق خيراً، ولا تريد للعراق أن يعود إلى أحضان أمته التي طال غيابه عنها، ولا تريد لسورية الأمن والاستقرار بعيداً عن الطائفية المقيتة.

أتت القمة العربية في بغداد باهتة لغياب أغلب القادة العرب، وكان أهمهم قادة الخليج العربي، وملوك الأردن والمغرب، ورؤساء سورية ولبنان، وكل قادة شمال إفريقيا، وكان سبب العزوف عن الحضور تلك التصريحات «الجلفة» تجاه الكويت وسورية، إلى جانب عدم الاطمئنان الأمني بسبب هيمنة الميليشيات المسلحة على كثير من المفاصل الأمنية في ذلك البلد العربي.

***

هناك براهين وحقائق تاريخية قديمة أثبتها الدكتور عبدالله يوسف الغنيم، رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، ومنها أن خور عبدالله من أبرز المعالم الجغرافية الأساسية للكويت، حتى أن اسمه منسوب إلى حاكم الكويت الثاني الشيخ عبدالله بن صباح، وأن هذا الخور دائماً ما ورد اسمه مقروناً بالكويت في العديد من الخرائط القديمة، ومنها الخريطة التي نشرها الرحالة الدنماركي سنة 1765، أي حتى قبل أن يصبح العراق دولة ذات سيادة.

من تلك الحقائق والبراهين أيضاً أن كل الاتفاقيات الحدودية التي وقعت بين الكويت والعراق في السنوات 1932 و1959 و1963، وما بعدها، نصت على ملكية الكويت لخور عبدالله، وأن خط وسطه هو خط حدودي بينهما.

***

استمعت إلى حوارات دارت مع من يمثلون الميليشيات المسلحة في العراق، وهم يرفضون فيها حضور الرئيس السوري أحمد الشرع مؤتمر القمة في بغداد، كان سبب رفضهم يدعو إلى السخرية، فهم يتهمون أحمد الشرع بأنه ارتكب جرائم ضد العراقيين، وأنه كان سجيناً في العراق، رغم إطلاق سراحه بحكم محكمة، ما يدعو إلى الاستهجان بأن هؤلاء هم من ارتكبوا الجرائم البشعة في حق العراقيين، ولا يزالون يهيمنون على مناطق نفوذ وسجون ممنوع الكشف عليها، وهم الذين ارتكبوا أشنع الجرائم الطائفية بسورية في عهد بشار، والتي لا تزال آثار جرائمهم تتكشف يومياً.

نتمنى أن يتخلص العراق من عقدة المظلومية مع الكويت، وأن يوجه عقدته إلى من قطع عنه المياه، ومن تعدى على حدوده وهرّب نفطه، فهو الذي جرّه بعيداً عن أمته العربية.