يتعامل العامة مع موضوع الأسهم في أسواق البورصة والسندات على أساس أنها شيء من وحي الخيال لا يمتُّ إلى الواقع الملموس بشيء ولا صلة. هذا بالطبع خطأ فادح غير صحيح، إذ إن تلك الإشارات الملونة والمضيئة تعكس واقع نجاح (أو فشل) على أرض الواقع، حيث يكون أداء أو أرباح الشركات من نصيب ذاك السهم في يوم محدد ووقت معلوم.
وواقع الحال، واستكمالا لحديث سندات الكربون الذي أفردنا له مجموعة من المقالات أخيراً، فإن للشركات والكيانات الاقتصادية بصمة بيئية، وتحديداً كربونية، تتماشى مع نشاطاتها، وبالأخص الصناعي منها. فكون الكيانات الاقتصادية تتحرك بشكل مباشر نحو الصناعة نجد أن بصمتها الكربونية في ازدياد يتماشى مع نشاطها على الأغلب. وهنا بالطبع نستثني الصناعات والنشاطات المتعلقة بالتكنولوجيا الخضراء المخفضة للبصمة البيئية أصلا. وعلى أثر تقرير مطول نشر في «vox eu» أخيراً يستند إلى عدد من الدراسات البحثية والمتعلقة بالاقتصاد التقني، نجد أن تغيّرا بمستوى واحد فقط في الانبعاثات الكربونية يقابله 0.12 بالمئة من عوائد أعلى وأرباح أكبر للكيانات التجارية.
وهنا وجب أن نتوقف في المسألة قليلا لنروي على منحيين مختلفين، أما الأول فهو تداخل الضريبة الكربونية، والتي يجب أن تؤخذ في الاعتبار من الآن وصاعدا على الكيانات التجارية بشكل عام، من بعد أن تُحسب بصمته الكربونية، وبالطبع دعمها بشكل مباشر من الدول، وذلك إحقاقا للحق في ضرائبها البيئية، وكذلك تقليل استخداماتها لأي شيء مضر بالبيئة ومشكّل خطراً على الانبعاثات الكربونية. ولأن الأنشطة التجارية تنعكس بشكل مباشر على الأرباح والانبعاثات، فوجب أن تؤخذ المسألة بشكل جاد وحساب دقيق جداً لتفادي أي ظلم واقع على أصحاب الأعمال الصغيرة أو حتى المتناهية الصغر.
أما الأمر الآخر، فهو يتعلق بواقع الحال بدولة الكويت، حيث لا قطاع خاصا بالشكل التقني المعتاد يوجد في الدولة، ومن يعمل بهذا القطاع يكون وكيلا لتكنولوجيا خارجية، فوجب عمل حساب دعم الدولة المتوافر أصلا لمثل هذه الأعمال وغيرها، والعمل على تشجيع تطوير الأعمال والتقنيات المحلية، خاصة تلك الخاصة بتقليل البصمة البيئية.
خلاصة الأمر، فإن واقع الأسهم وأسواق البورصة العالمية سيبدأ بالتغيير قريبا، نظرا لتعلّق ملف البيئة به بشكل مباشر، وخصوصاً فيما يتصل بموضوع الملف البيئي عالميا. وللحد من الانبعاثات الكربونية، وجب أن تدخل مسألة المال وأخذ الضرائب بشكل يجعل الجميع يعي أهمية الملف البيئي على صحة الإنسان، فالمال هو الأسلوب الوحيد المؤثر في هذا الزمن. والله كريم، وهو المستعان.