لا يمكن إنكار حقيقة أن بند الأعمال الجليلة أُسيء استخدامه سياسياً في حالات عديدة، وفي المقابل لا يمكن تغييب حقائق ما قدّمه العديد من الشخصيات للكويت من أعمال موثّقة شهد لها القاصي والداني منذ بداية الدولة الحديثة، ولعبوا أدواراً وطنية في وضع قواعد التأسيس للعديد من القطاعات الحكومية والخاصة.

ولا يمكن، كذلك، إنكار أن عدداً من الحالات ممن تجنسوا هم وأسرهم قد غادروا البلاد إلى أوطانهم من دون عودة، أو ممن توفاهم الله وغادرت أسرهم وتجنسوا باختيارهم بجنسية وطنهم الأم أو أوطان أخرى، وهنا يكون للقانون الكلمة الفصل.

Ad

إلّا أن هناك شخصيات مشهوداً لها بالأعمال والإنجازات التي رفعت من مكانة الكويت محلياً ودولياً، ومُنحوا الجنسية الكويتية تقديراً لإسهاماتهم، واتخذوا من البلاد وطناً دائماً وسكناً آمناً لا بديل عنه، مما يستوجب التعامل معهم بمسار مختلف لا يتقاطع مع مَن نالها بطرق غير مشروعة تحت ضغط المتنفذين وتهديد السياسيين.

فقد كان بالإمكان تجنّب سحب جنسياتهم، لو كان للوزراء - كلٌّ وفق جهاته - موقف وكلمة ببيان أسباب المنح بشكل دقيق وواضح، بما أنها لا تُذكَر في المراسيم، خلال استعراض مجلس الوزراء قرارات اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، فلعلّ حقيقة مغيّبة تنقذ أسرة كاملة من فقدان هويتها الوطنية بعد عقود من العطاء.

المنصب الوزاري يحكمه قسَم دستوري عظيم ختامه «... وأودي أعمالي بالأمانة والصدق»، وهنا تحلّ الأمانة والصدق بشهادة حق بحقّ مَن نال الجنسية الكويتية وفق صحيح بند الخدمات الجليلة وتعريفه وأطره، ومَن لا يملك القدرة على قول الحق وجرأة الرأي، تأييداً أو معارضة، فقد أخلّ بقسمه ولا يستحق منصبه.

الحكومة مُطالَبة اليوم بسرعة التأكيد على أن أبواب لجنة التظلمات لن تُغلق أمامهم، فهناك مَن استحق فعلاً نيل شرف الهوية الكويتية ولديه الإثباتات الكافية والوافية، ولا يجوز أن يؤخذ بجريرة مَن تحصَّل عليها من دون وجه حق، ومسؤولية الوزراء، كلٌّ فيما يقع ضمن دائرة اختصاصاته، سرعة العمل على إصدار قرارات تُعيد تنظيم حياتهم وحياة أسرهم وفق الواقع الجديد، وألّا يُتركوا للمجهول.