تبدأ الأحداث في يوم الانتخابات: تفجير يعطِّل التصويت، يشكِّك في شرعية النتائج، ويزيد من الانقسامات المجتمعية. في الوقت نفسه، تتحطَّم طائرة نقل عسكرية صينية من طراز Y-8 فوق مضيق تايوان، وتستغل بكين عمليات البحث والإنقاذ كذريعة لفرض حصار بحري، وتسيطر على جزيرة نائية. تلوح الحرب في الأفق. كيف سيكون رد فعل الشعب التايواني؟
هذا هو السؤال المحوري في مسلسل تلفزيوني جديد بعنوان «يوم الصفر»، وهو دراما من 10 حلقات تجسِّد سيناريو غزو صيني لتايوان. عُرضت الحلقة الأولى، التي تجسِّد هذا السيناريو، هذا الأسبوع خلال «قمة الديموقراطية» في كوبنهاغن. ويظهر في الإعلان الترويجي أن الشخصيات ستواجه نقصاً في الإمدادات، وانهياراً في الاتصالات، وإطلاق سراح مجرمين يعملون كوكلاء للصين على الأرض، إلى جانب مشاهد أخرى تبدو واقعية ومزعجة. (يُشار إلى أن هذا العمل لا علاقة له بمسلسل «يوم الصفر» على نتفليكس، الذي يلعب بطولته روبرت دي نيرو).
وقالت منتجة العمل، شين-مي تشين، إنها لاحظت ميلاً لدى التايوانيين لتجنب التفكير في احتمال الحرب، لكن عندما أُطلق الإعلان الترويجي العام الماضي، اتضح لها أن «الخوف كامن في أعماق الجميع». وتُضيف الممثلة جانيت شيه، التي تؤدي دور الرئيسة المنتخبة لتايوان في المسلسل: «هذا العمل يفتح باب الحوار، ويجب أن نتحدَّث عنه أكثر».
في الواقع، تواصل الصين تعزيز تهديداتها لتايوان بشكل تدريجي، ولكنه واضح. فقد أجرت تدريبات عسكرية تحاكي فرض حصار، كما كثفت من دورياتها حول الجُزر التايوانية النائية. القائد الأميركي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، الأدميرال صمويل بابارو، حذَّر الكونغرس من أن هذه التحرُّكات ليست «مناورات تدريبية»، بل «بروفات فعلية لإعادة التوحيد بالقوة».
تايوان، بدورها، تسعى إلى الاستعداد. يقول لين فاي-فان، نائب الأمين العام لمجلس الأمن القومي التايواني: «الدفاع عن تايوان يجب ألا يكون مهمة الجيش فقط، فالجميع يمكن أن يكون له دور في حماية بعضنا البعض والدفاع عن الوطن». وتأمل الحكومة أن يُسهم هذا الاستعداد المجتمعي في ردع بكين.
وفي الصيف الماضي، أنشأ الرئيس التايواني لاي تشينغ-ته لجنة وطنية لتعزيز «الصمود المجتمعي»، تضم ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني والأكاديميين. وقد أجرت اللجنة أولى مناوراتها الحيَّة في مارس، بمشاركة متطوعين ورجال إطفاء وفرق طبية، للتعامل مع كارثة طبيعية وانفجار في ميناء استراتيجي. كما تنظم 11 مدينة تمارين مماثلة هذا الربيع والصيف، بالتزامن مع تدريبات «هان كوانغ» العسكرية التايوانية.
رجل الأعمال روبرت تساو ساهم في تمويل مسلسل «يوم الصفر»، وهو أيضاً داعم مالي لأكاديمية كوما، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى «إعداد المدنيين نفسياً قبل الحرب» وتنمية «قدرات الدفاع الذاتي والإرادة لحماية تايوان». وفي الخريف الماضي، فرضت الصين عقوبات على تساو والأكاديمية، وأدرجتهما ضمن قائمة «الانفصاليين التايوانيين المتشددين»، متوعدةً بأنهم «سيحاسبون مدى الحياة».
وتشهد تايوان ما يشبه ما حدث في أوكرانيا قبل الغزو الروسي عام 2022. فخلال «ثورة الكرامة» في 2013-2014، احتج الأوكرانيون على تقارب حكومتهم مع موسكو، وفي الوقت ذاته اندلعت حركة دوار الشمس في تايوان، رفضاً لاتفاقية تجارية كانت ستعمِّق العلاقات مع الصين. وقد برزت من كلتا الحركتين شخصيات سياسية ومدنية تركز اليوم على الاستعداد الوطني الشامل.
يقول مايك لين، المدير التنفيذي لشركة Awoo Intelligence، وأحد أبناء جيل دوار الشمس: «إذا لم نفكر بجدية، وإذا لم نبذل المزيد من أجل وطننا، فلن نحتفظ بديموقراطيتنا ولا بحُريتنا». ويأمل أن يدفع مسلسل «يوم الصفر» المشاهدين التايوانيين إلى التفكير... وربما إلى التحرُّك.
* جيلين ميلكيور