هو واحدٌ من الندرة التي تُترجم الثقافة إلى ممارسة عملية في معظم مفردات حياته، لأنه يرى الثقافة تطوي تحت جناحها المعرفة والفن والأخلاق والقانون والعُرف، وكل القدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان من حيث هو عضو في المجتمع، وكل مَن عرف الدكتور سليمان الشطي وتعامَل معه يدرك مدى التزامه بمفردات وظائف الثقافة وانعكاسها على سلوكه.
***
ولأنّ الشطي يتنفس العمل الثقافي منذ نعومة أظفاره، فإننا نجده قد كرّس معظم سني حياته للعمل على إنجاز العديد من المعطيات الأكاديمية والقصص والدراسات، فضلاً عن نشاطاته ضمن المنتديات الأدبية، فإنه يتوجه في أغلب كتاباته إلى القارئ لكي يشاركه في مطالعاته الغزيرة.
***
وعلى سبيل المثال، فهو يقف أمام كلمة «أدب»، وهي تعني مفهوم الثقافة العام، فقالوا إنها الأخذ من علمٍ بطرفٍ، وقالوا في عبارةٍ دالةٍ: أن تَعرفَ شيئاً عن كل شيء، وكل شيء عن شيء، الأولى خاصة بالثقافة، والثانية خاصة بالتخصص، وهكذا تجده يسرد على القارئ العديد من الآراء الفكرية والأدبية والثقافية في كتابه «الثقافة فوق السطر».
***
ويُبسّط الشطي لقارئه الثقافة بالقول: الثقافة كمٌّ معرفي فاعلٌ في تكوين شخصية الفرد، يُصبح - بفضله - منسجماً مفيداً في مجتمعٍ معيّن، وعندما نقول معرفة، فنحن لا نقصد تراكم المعلومات - مع ضرورتها - ولكن المقصود هو تحوّل المعلومات والخبرات لتُشكّل الشخصية وتصقلها، فتستوي قادرة على الفهم والفكر والفعل الصائب والصادر عن وعىٍ ناضج.
***
واستشهادات الشطي بقراءاته الكثيرة تجعل كتاباته حافلةً بثراءٍ معرفي مهول، فهو عندما يحدثك عن أهم الكتب التاريخية التي أثّرت فيه يورد التالي: أدب الكاتب لابن قُتيبة، كتاب الكامل للمبرد، كتاب البيان والتبيين للجاحظ، كتاب النوادر لأبي العلي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتوابع لها.
أما عن اهتماماته بالثقافات غير العربية، فالحديث عنها بلا حرج.
***
وإذا كان لي من رجاءٍ عند د. سليمان الشطي، فهو أن يسهم في طرح القضايا الأدبية من خلال الصحف، التي تكاد تهمل الجانب الأدبي، وذلك في إطلالة أسبوعية.