أصدر مجلس الوزراء الكويتي مرسوماً بقانون يقضي بإلغاء المادة 182 من قانون الجزاء الكويتي، في خطوة تشريعية طال انتظارها، تؤكد التزام الدولة بحماية حقوق المرأة وصون كرامتها، وتعزيز مبدأ العدالة الجنائية القائمة على الإنصاف، لا على المساومة.
لقد كانت المادة المُلغاة تُتيح للجاني الإفلات من العقوبة في جرائم الاعتداء على العِرض والخطف، إذا تزوَّج من المجني عليها بموافقة ولي أمرها، وهو ما شكَّل على مدار سنوات خرقاً صارخاً لحق المرأة في العدالة، وتعدياً على كرامتها، وتحايلاً على القانون باسم الأعراف الاجتماعية.
ويمثل إلغاء هذه المادة انتصاراً واضحاً للمرأة الكويتية، ورسالة تشريعية مفادها أن جسد المرأة ليس محلاً للتفاوض، ولا يجوز اختزال الجريمة بعقد زواج صوري يُبرم لغرض إسقاط العقوبة، فالمرأة بصفتها كياناً إنسانياً كامل الحقوق، تستحق حماية قانونية تضمن لها الأمن الجسدي والنفسي، وتحفظ لها حقها المشروع في الإنصاف وعدم التساهل مع المُعتدين.
وقد أكد وزير العدل أن هذا التعديل يستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ الدستور، التي تضمن للمرأة حقها في الحماية من الإكراه والعنف، وترفض أي شكل من أشكال استغلالها تحت غطاء قانوني أو اجتماعي.
إلغاء المادة يُعد خطوة إصلاحية في الاتجاه الصحيح، تحفظ للمرأة المسلمة مكانتها، وتصون كرامتها، وتُعلي من شأن العدالة الجنائية التي تُنصف الضحايا لا الجناة. هذه المادة كانت ثغرة قانونية تُستغل للتحايل عبر زواج صوري لا يستهدف إلا إسقاط العقوبة. وهذا الإلغاء لا يُعد مجرَّد تعديل قانوني، بل هو رسالة واضحة بأن الجريمة تظل جريمة، ولا يمكن الالتفاف عليها بأي مبررات شكلية، فكرامة المرأة ليست محل مساومة.
وبذلك، ترسخ الكويت، من خلال هذا الإلغاء، أن الكرامة الإنسانية لا تُساوم، وأن حماية المرأة ليست امتيازاً، بل واجب قانوني وتشريعي جوهري، يعكس تقدُّم المنظومة القانونية نحو عدالة أكثر شمولاً وإنصافاً.