في الأسبوع الأول من أبريل، بدا أن إدارة الأمن القومي في عهد دونالد ترامب تدخل مرحلة جديدة من الفوضى المتصاعدة. من القرارات العشوائية بشأن الرسوم الجمركية إلى تدخل مستشارين عديمي الخبرة في ملفات شائكة، أصبحت حالة الارتباك جزءاً من المشهد اليومي في واشنطن. الأوضاع تأزمت مع إعلان ترامب عزمه ترشيح مستشاره للأمن القومي مايك والتز سفيراً للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، وتكليف وزير الخارجية ماركو روبيو بدور مزدوج كمستشار للأمن القومي مؤقتاً.

في الوقت الذي من المفترض أن يُشكل مستشار الأمن القومي حلقة الوصل بين الرئيس وأجهزة الدولة الأمنية، أصبح المنصب لعبة في دوامة قرارات ترامب الارتجالية. فوضى القرار لم تعد محصورة في الأروقة، بل تسرَّبت إلى تطبيقات التراسل المشفر، مثل «سيغنال»، حيث ظهرت محادثات جماعية يستخدم فيها مسؤولون رموزاً تعبيرية لمناقشة قضايا خطيرة مثل توجيه ضربات للحوثيين.

Ad

السيناتور جي دي فانس شكَّك علناً في قرار ترامب بشأن الحوثيين، معتبراً أنه يتناقض مع موقفه من أوروبا. وسرعان ما ذهب إلى غرينلاند لانتقاد إدارة الدنمارك للجزيرة، مما أثار توتراً دبلوماسياً مع حليف رئيسي. حتى الجمهوريون في «الكونغرس» بدأوا يشككون في منهج فانس وأسلوبه.

أسوأ مظاهر الفوضى يتمثل في صعود ستيف ويتكوف، رجل الأعمال المقرَّب من ترامب، الذي أُوكلت إليه ملفات تبدأ من الرهائن في غزة، وتصل إلى البرنامج النووي الإيراني، مروراً بالحرب الروسية - الأوكرانية، والتعامل مع الحوثيين. كل هذا دون خبرة دبلوماسية أو أمنية تُذكر. ويتكوف يتصرَّف بتكليف مباشر من ترامب، وسط غموض حول تنسيقه مع روبيو أو غيره من المسؤولين الرسميين.

أمام هذه الفوضى، يُطرح السؤال: هل ما يحدث طبيعي؟ بالتأكيد لا. فالتخبُّط ليس وليد اللحظة، بل هو استمرار لما ساد في الولاية الأولى. الرئيس يفضل الولاء الشخصي على الكفاءة، وهو ما يؤدي إلى قرارات مرتجلة، من دون استراتيجية واضحة أو تقييم مدروس للنتائج المحتملة.

في هذا السياق، قرار نقل والتز من مجلس الأمن القومي إلى الأمم المتحدة يُعد مؤشراً إضافياً على هذا النهج الفوضوي، إذ تتسع صلاحيات روبيو بشكل مؤقت، في وقت تواجه وزارة الدفاع حالة من عدم الاستقرار، مع سلسلة استقالات وإقالات في المناصب العليا.

حتى عند اتخاذ قرارات كبرى، مثل ضرب الحوثيين، جاءت المناقشات بعد القرار وليس قبله، مما يعكس غياب عملية اتخاذ قرار مؤسسية. وهذا النمط بات مألوفاً في السياسة الخارجية لإدارة ترامب، التي تتصف بالانتقائية والانفعال ورد الفعل، لا بالتخطيط والاستراتيجية.

ومما يزيد الطين بلة، هو تهميش الرئيس للآليات المؤسسية التي أُنشئت لضمان صُنع قرار متماسك، وعلى رأسها مجلس الأمن القومي. القانون الوطني للأمن القومي لعام 1947 وُضع لمنح الرئيس أدوات للتحكم في البيروقراطية الدفاعية والاستخباراتية، لكن ترامب يتجاهله، ويعتمد بدلاً من ذلك على حدسه الشخصي ومقربيه.

في النهاية، لا يمكن إصلاح شخصية ترامب، لكن يمكن لمستشاريه - إذا أرادوا خدمة بلادهم بحق - أن يسعوا لتقويم عملية اتخاذ القرار، حتى لو لم يكن ذلك في مصلحة الرئيس، فهو بلا شك في مصلحة الولايات المتحدة.

* جون بولتون

* مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض من 2018 إلى 2019، وسفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من 2005 إلى 2006، ومؤلف كتاب «الغرفة التي حدث فيها ذلك... مذكرات من البيت الأبيض».