في الأسبوع الماضي، تم بفضل الله إسقاط 16 حساباً وهمياً في يد العدالة، ولا شك أنه خبر يفرح كل محب للكويت، فقد مارست بعض الحسابات الوهمية الفساد بكل أشكاله، وأدخلت البلاد في فتن وصراعات مختلفة بنشر الأكاذيب وتحريف الوقائع السياسية والحقائق المالية، وأساءت إلى كثير من مؤسسات الدولة، وكانت أيضاً أداة مأجورة أشعلت حروباً بين السياسيين حتى وصلت إلى طعنات متبادلة بين أفراد بعض الأسر التي سلكت طريق تشويه الطرف الآخر، كما حاولت أيضاً إرهاب بعض المسؤولين والنواب وابتزازهم، وأيضاً سعت إلى تدمير رموز واغتيالهم معنوياً بسبب مواقفهم أو بسبب صراع على مناصب الحكومة والمجلس، وهذه الممارسات كانت تتم في غيبة من الردود الحكومية المقنعة ومن الإجراء الحكومي الحاسم لاكتشافها ومعاقبتها، لذلك كانت تلقى رواجاً ويتناقلها الناس ويعتقدون صحتها.
ومنذ البداية نبهتُ إلى خطورة هذه الحسابات في عدة مقالات، وبينت أنها مخالفة للشريعة، لأن خبر المجهول لا يجوز تصديقه، وأن على الإنسان أن يكون شجاعاً فيكتب باسمه الصريح ويتحرى الصدق، خصوصاً فيما يتعلق بكرامات الناس، لأن حرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمة الكعبة المشرفة، ولكن ما كتبت لم يلقَ الاستجابة حتى وصل الأمر إلى أن قدم بعض النواب تعديلاً على قانون المطبوعات بحجة الحرية يزيل العقوبة الحالية التي لا تتعدى الغرامة المالية عن بعض الجرائم المتعلقة بكرامات الناس والتأثير على العملة الوطنية والقضاء وغيرها، فما كان مني إلا أن أعددت تقريراً مفصلاً عن خطورة اقتراح هؤلاء النواب وقدمته إلى بعض أعضاء المجلس وإلى وزير الإعلام، وبحمد الله، تم إيقاف تعديلات النواب.
وبحمد الله أيضاً، قرأنا في الأسبوع نفسه خبر تقديم الكويت مشروع قانون بتجريم خطاب الكراهية وازدراء الآخرين إلى الجامعة العربية، هذا المشروع الذي أعدته وزارة العدل جاء فيه «لا يجوز الاحتجاج أو الدفع أو التذرع بحرية التعبير والرأي للقيام بأي قول أو فعل من شأنه الدعوة أو التحريض على خطاب الكراهية باستخدام أي وسيلة من وسائل العلانية والنشر». والله نسأل أن يكتب لهذا المشروع النجاح، لأن خطابات الكراهية القبلية والطائفية والسياسية دمرت معظم الدول العربية.
إن الحرص على صحة المجتمع وحمايته من الأكاذيب والانقسام والكراهية هي من أوجب واجبات الحكومة، ولذلك فإن عليها أن ترصد وتقدم للقضاء من يمارس هذه الموبقات، كما أن عليها أن ترحب بالرأي وبالنقد البناء القائم على الحقائق العلمية والنصح الخالص والحرص على المصلحة العامة المصاغ بالضوابط الشرعية والقانونية حتى وإن كان يخالف رأي الحكومة وتوجهاتها.
ملاحظة: نشرت بعض مواقع التواصل أن القانون الجديد للمخدرات سيُدخل عقوبة الإعدام بعد أن كانت السجن، وهذا خطأ فادح، فقد أدخلنا عقوبة الإعدام لتجار المخدرات في مجلس 1992 بعد أن كثرت الوفيات بالجرعة الزائدة، كما حضرتُ مصادقة سمو الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، على بعض أحكام الإعدام عندما كنت وزيراً للعدل وتم تنفيذها بإشراف النائب العام.