على الرغم من أن معظم دول آسيا الوسطى ورثت أنظمة حُكم مركزية بعد استقلالها من الاتحاد السوفياتي في أوائل التسعينيات، فإن ذلك ساهم في استقرار الحياة السياسية والمؤسسية، وحدَّ بشكل كبير من التغيير المفاجئ أو الفوضى السياسية، مما انعكس بالإيجاب على الجوانب المعيشية والاجتماعية لمواطنيها.

قمة سمرقند، وما قبلها، تسبقها مجموعة من العوامل المشتركة التي تجمع بين دول وسط آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، كالدين الإسلامي، الذي يعتنقه معظم سكان تلك الدول، وإرث تاريخي وثقافي، والتي من شأنها تمهيد الطريق نحو توحيد السياسات الخارجية، فضلاً عن المشتركات الاقتصادية التي تملكها تلك الدول من احتياطيات كبيرة من النفط والغاز وخبرات في مجال الصناعة والإنتاج والتسويق.

Ad

هذه الأرضية تسمح بتنفيذ مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية مشتركة تعود بالنفع على الشعوب، وتعظم من قدرتها على مواجهة التحوُّلات والحروب الاقتصادية، ومنها على سبيل المثال:

1 - إنشاء شبكة من خطوط الأنابيب لتصدير الغاز والنفط من وسط آسيا عبر الخليج والعكس صحيح.

2 - تعزيز التجارة البينية، من خلال إنشاء مناطق حُرة وسكة قطارات وطرق لُوجستية برية تمرُّ عبر إيران أو بحر قزوين، مما يمكِّن دول الخليج ودول وسط آسيا من أن تكون بوابة تجمع فيما بين الشرق والغرب، وأن تلعب دوراً مهماً في تنشيط التجارة العالمية.

3 - الاستثمار في القطاع الزراعي بدول وسط آسيا لتأمين الأمن الغذائي لدول الخليج، مثل: زراعة الحبوب، والفواكه، والخضراوات، لما تملكه من أراضٍ خصبة ومياه عذبة.

4 - الاستثمار في مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة والمياه والعلوم التطبيقية، من خلال تأسيس شركات مساهمة تعمل على تطوير وتوطين هذه الصناعات.

5 - تشجيع السياحة، من خلال استقطاب السياح، وتقديم تسهيلات للمسافرين، كالتأشيرات، وزيادة معدَّلات الطيران المباشر.

6 - الاستثمار في التعدين عن المعادن الثمينة، وتبادل الخبرات في هذا القطاع.

أيضاً من المهم النظر إلى الموقع الجغرافي الذي تتمتع به دول وسط آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث إنها تتوسط العالم، ومن خلالها يمر مشروع الحزام والطريق الذي تتبناه وتدفع به جمهورية الصين الشعبية بكل قوة، وإلى ما يمكن تحقيقه من مكاسب أخرى اقتصادية وأمنية على شعوب المنطقة إذا ما انضمت إليها دول، مثل: باكستان، وأفغانستان، وإيران، وتركيا، والعراق، وسورية، لتكون مُجتمعة أكبر مجمع جغرافي وسكاني بالعالم.

هذه العلاقات التي تجمع دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى يجب أن تكون نموذجاً للتعاون المشترك الناجح على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الفرص الاستثمارية التي يمكن أن تجنيها الشعوب من هذا التعاون.

في الختام، العالم أصبح يعيش حالة من القلق، بسب الحرب الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة مع الصين، والتي أدَّت إلى تقسيمه بين معسكرين، غربي وشرقي، حيث لا مكان بينهما إلا من خلال إقامة تحالفات اقتصادية قوية على غرار الاتحاد الأوروبي.

ودمتم سالمين.