وسط تقديرات بأن واشنطن قد تخلت عن مبدأ تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل بينما تتجه مفاوضاتها النووية مع طهران إلى جولة رابعة، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمسكه بتفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني على «الطريقة الليبية»، مشدّداً على أن أي اتفاق مع طهران يجب أن يحرمها من الصواريخ البالستية والقدرة على تخصيب اليورانيوم.

وقال نتنياهو ليل الأحد ـ الاثنين، إن بلاده ستدمر المفاعلات النووية الإيرانية ومنشآت التخصيب «لتتأكد من أنهم لن يتمكنوا من التخصيب لأي غرض»، مضيفاً «لن نقبل إلا بتدمير كل قدرات إيران النووية لنتأكد من عدم محاولتهم إحياء برنامجهم مع إدارة أميركية أخرى».

Ad

وأضاف «تفكيك جميع البنى التحتية لبرنامج إيران النووي... هذه هي الصفقة التي يمكننا قبولها والتعايش معها»، محذراً من أن تستغل إيران الوقت وأن تنتظر انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترامب قبل أن تستأنف من حيث توقفت برنامجها إذا اتفق الجانبان على صفقة متساهلة جداً.

وتابع: «اتفاق سيئ أسوأ من عدم وجود اتفاق»، مشيراً إلى أن «الاتفاق الجيد الوحيد» هو الاتفاق الذي وافقت عليه ليبيا في عام 2003، الذي تم بموجبه تفكيك برنامجها النووي بالكامل، العسكري والمدني على حد سواء.

وحذر رئيس الوزراء من أنه لا يجب السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم أو حتى الاحتفاظ بالقدرة على القيام بذلك، مشيراً إلى أنه عرض موقفه بشأن المسألة على ترامب.

وجاء تهديد نتنياهو، الذي سُرب أنه يدرس شن ضربة عسكرية ضد المنشآت الذرية الإيرانية بشكل منفرد وبدعم محدود من واشنطن، رغم إشارة ترامب إلى أن الجولة الثالثة من المحادثات سارت بشكل جيد وأنه يمكن التوصل إلى اتفاق لتجنب «إلقاء قنابل في كل مكان».

تحذير إيراني

في المقابل، اتهم وزير الخارجية الإيراني رئيس الوفد المفاوض عباس عراقجي، نتنياهو بمحاولة «إملاء إرادته بوقاحة» على ترامب في المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وجدد تأكيد بلده على أنه لا يوجد حل عسكري بشأن القضية النووية، محذراً من أنه سيتم الرد بالمثل على أي هجوم فوراً.

وتابع أن «إيران واثقة من قدرتها على إحباط أي محاولة للتأثير على سياستها الخارجية»، لافتاً إلى احتمال انضمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الجولة المقبلة من المفاوضات التي تتم بوساطة سلطنة عمان.

في موازاة ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، أن أي مغامرة أو تصرف خاطئ ضد إيران سيقابل بـ «رد ساحق».

وفي خطوة ترمي لاستمالة الرئيس الأميركي، لفت المتحدث الإيراني إلى أنه «لا يوجد أي مانع من مشاركة الولايات المتحدة في بناء مفاعل نووي في إيران».

وأوضح أن بلاده مستعدة لمواصلة المفاوضات بوتيرة متقاربة بهدف تسريعها، مشيراً إلى أن العقوبات المفروضة تستهدف الحياة اليومية لكل مواطن إيراني، وأن طهران تبذل جهوداً جادة لرفعها.

وذكر بقائي أن فريقاً فنياً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصل إلى طهران لإجراء محادثات مع خبراء نوويين، في متابعة لزيارة قام بها المدير العام الوكالة التابعة للأمم المتحدة إلى إيران بهدف حل الخلافات بشأن الضمانات واستعادة كاميرات المراقبة التي سبق أن أزالتها السلطات الإيرانية في رد انتقامي عقب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وأشار بقائي إلى أن إيران منفتحة على أن تؤدي كل من روسيا والصين والاتحاد الأوروبي أدواراً فعالة في التوصل إلى اتفاق بين طهران وواشنطن.

وبالتزامن مع ذلك، ردّ علي شمخاني مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون السياسية على تهديدات نتنياهو، مؤكداً أن هذا العمل ستكون له تداعيات على إسرائيل لن تتمكن من تصورها.

في السياق، أجرى عراقجي اتصالاً هاتفياً مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان بحث خلاله التطورات الدولية والإقليمية والعلاقات الثنائية وأطلعه على مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن.

هجمات الظل

وأتت التهديدات والتحذيرات في وقت واصل عناصر الإطفاء العمل على إخماد الحريق المستعمر في ميناء الشهيد رجائي، أكبر الموانئ الإيرانية التجارية، بعد يومين من انفجار هائل أودى بحياة 46 شخصاً وتسبب بإصابة ما يزيد على 1000 شخص مازال 138 جريحاً منهم في المستشفيات.

وغداة توجيه خامنئي بإجراء تحقيق لتحديد ما إذا كان هناك «إهمال أو قصد» وراء الكارثة التي أشارت أصابع الاتهام الإيرانية فيها إلى «حرب الظل» التي تشنها إسرائيل، أعلن وزير الداخلية الإيراني اسكندر مؤمني أنه تم تحديد بعض المتسببين بالحريق والانفجار وتم استدعاؤهم للمساءلة.

وأشار إلى ثبوت وجود بعض التقصير وعدم مراعاة معايير السلامة.

في السياق، ذكرت وكالة «تسنيم» اليوم، أن السلطات الايرانية أحبطت هجوماً إلكترونياً كبيراً على البنية التحتية للبلاد.

ووصف الرئيس التنفيذي لشركة اتصالات البنية التحتية الإيرانية الهجوم الذي يعتقد أن شبكات تابعة للدولة العبرية شنته بأنه أكثر الهجمات الإلكترونية شمولاً وتعقيداً ضد البنية التحتية للدولة الإيرانية»، لافتا إلى «اتخاذ تدابير وقائية».

زيارة باكو

في هذه الأثناء، وقّع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف في قصر زاغولبا سبع مذكرات تفاهم في مجالات للمشاورات السياسية والنقل والتبادل الثقافي والتعاون الصحي والإعلام والاستثمار، قبل أسبوعين من زيارة متوقعة لنتنياهو إلى البلد المجاور لإيران بهدف مناقشة عدة ملفات من بينها انضمام باكو لاتفاقات إبراهام للسلام.