لأكثر من عشرين عاماً كتبنا عشرات المقالات عن خطر المخدرات، وطالبنا بإعدام تجّارها الكويتيين، ففي مقال نُشر يونيو 2004 «حبل مشنقة كريستيان ديور» تساءلنا هل تريدون إقناعنا بأن تجار المخدرات الهوامير هم وافدون تصطادهم المباحث بين الحين والآخر؟ وأشرنا إلى إحصائيات منشورة بضبط 3543 تاجر مخدرات من الكويتيين ما بين عامي 1999 و2001، فلماذا لم نجد كويتياً واحداً معلّقاً على المشنقة؟! وهل يُعقَل أن كميات المخدرات الضخمة دخلت البلاد عن طريق ستة أشخاص غير كويتيين أُعدموا ما بين عامي 1998 و2004؟! وقلنا ساخرين إنْ كان الكويتي ما يتنازل يُشنَق بأي حبل فليخصص له حبل ماركة كريستيان ديور! وذكرنا في مقالات أخرى ما جمعناه من إحصائيات للسنوات العشر المنتهية في 2010 وتشير إلى تورط 7894 كويتياً في قضايا المخدرات، وخلال الفترة نفسها حُكِم على 71 متهماً ولم تُنفذ سوى 12 حالة إعدام فقط، وقد نكون مخطئين، لكن لم نذكر أن بينهم كويتياً!

وتساءلنا بمقال في 2009 أين الكويتيون المحكوم عليهم بالإعدام؟ هل يحوّلون إلى الطب النفسي أم بسجون «الـ 5 نجوم» ليمارسوا التجارة في الأمان، ويُعدَم الوافد «حمار المخدرات»، الذي يحمله ويهربه لمصلحة الكويتي؟ وعلى مدى عقد ونصف حتى يومنا هذا وجّهنا أصابع الاتهام نحو الدول التي تصدر لنا السموم كإيران وأذرعها في العراق وسورية، وحليفها «حزب الله» منذ ثمانينيات القرن الماضي.

Ad

في 2012 أشرنا إلى وجود ثلاثين محكوماً بالإعدام يأكلون ويشربون في السجن، وأن آخر حكم إعدام كان قبل خمس سنوات! وفي 2013 بمقال «حمار المخدرات» شكرنا الدولة على عودة الإعدامات، وطالبنا بتنفيذها بعد وصول لائحة الانتظار إلى 48 محكوماً، بينهم أحد أفراد الأسرة، حسب تصريح مدير نيابة التنفيذ. وذكرنا بعدها في مقال «الإعدام» توقفها عامين حتى 2015. لقد أبدينا استياءنا بمقال في 2021 لاستشراء الجرائم في المجتمع للحد الذي باتت تُرتكَب في الشوارع وبوضح النهار، وكيف لا والإعدامات توقفت عشر سنوات متقطعة حتى عام 2017، بينما عشرات المحكومين يتمتعون في السجون!

وفي تقريرٍ يبعث على التفاؤل نشرته «الجريدة» في يوليو 2024 عن إحكام «الداخلية» قبضتها على تجار المخدرات، ووصول الأحكام إلى إعدام كل شهر، حيث بلغت 12 حكماً خلال 2023، خلافاً لأحكام المؤبد وغيرها لعدد 6911 قضية، منها 88% إدانة، مؤكدين احترافية رجال المباحث في القبض وسد الثغرات لعدم حصولهم على البراءة.

أما وقد كتبنا وطالبنا بإعدام تجار المخدرات طوال عشرين عاماً، فجاء اليوم وتحقق الحلم في عهد الحزم حين قدم النائب الأول الأسبوع الماضي مشروع تعديل قانون المخدرات، من خلال لجنة برئاسة المستشار محمد الدعيج، صاحب أروع حكم صدر في قضية خلية العبدلي، تعديل شمل 24 بنداً يعالج الثغرات الإجرائية للقضاء على الاتجار والتعاطي والترويج، حتى داخل السجن، ويشدد الإجراءات والعقوبات والغرامات وتنفيذ الإعدام.

إن ما نود أن نلفت إليه نظر النائب الأول ورئيس اللجنة هو البند العاشر بشأن «الحبس مدة 3 سنوات لكل من يجالس المتعاطين حتى وإن لم يكن يتعاطى معهم»، والذي سبب لنا قلقاً لمجرد قراءته، فقد يشكل خطراً على المواطن البسيط فيؤخذ بجريرة التاجر والمتعاطي، فهل مجرد مجالستهم في ديوانية أو شاليه جريمة دون علم الشخص بوجود مخدرات؟ فقد يكونون أصدقاء ابنه مثلاً. فالعلم بمجالسة شاربي الخمر سهلة، بطل ومزّه وثلج، بينما قد لا تكون واضحة بالمخدرات، والأخطر أنها قد تُدَس كيديّاً في مجلس بقصد الانتقام من شخص لوجود خصومة معه، كما لدى الكثيرين خصوم، ولدينا كمثال ممن أطحنا بهم في جرائم الشهادات والأبحاث، مما يتطلب من اللجنة لائحة تنفيذية للقانون مفصلة، تحدد نوع المجالسة مع أصحاب المخدرات ومكانها وتكرارها ومدتها.

***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.