تزامناً مع انعقاد الجولة الثالثة من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، هز انفجار كبير مدينة بندر عباس الساحلية جنوب إيران، المطلة على مضيق هرمز الرابط بين الخليج العربي وبحر العرب، في حادث تُذكِّر مشاهده بانفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020 الذي خلّف تداعيات سياسية كبيرة لا تزال ماثلة حتى اليوم.

وسقط 5 قتلى على الأقل وأكثر من 700 جريح في الانفجار الذي وقع في ميناء الشهيد رجائي، خارج مدينة بندر عباس، وهو منشأة رئيسية لشحن الحاويات لإيران التي تتعامل مع نحو 80 مليون طن من البضائع سنوياً.

Ad

وبحسب التقديرات الأولية، فإن توقيت الانفجار، تزامناً مع المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية في العاصمة العُمانية مسقط، يوحي بعملية تخريبية اتجهت أصابع الاتهام فيها مباشرة إلى إسرائيل التي تعارض أي اتفاق نووي يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، وهو الاتجاه الذي باتت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتجه إليه.

وقد هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الأربعاء مجدداً بضرب إيران، في وقت توقع مسؤولون إيرانيون عمليات أمنية تقوم بها تل أبيب لتخريب المحادثات. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، عن مصادر حكومية وأخرى عسكرية، نفي أي صلة لإسرائيل بالانفجار.

وكشف مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن التحقيقات الأولية أظهرت أن الانفجار وقع في حاويتين في منطقة التخزين الخاصة بالميناء، مضيفاً لـ «الجريدة»، أن الحاويتين دخلتا الميناء يوم الخميس الماضي، لكن بما أن بيانات الشركة المستوردة في طهران لم تكن دقيقة، جرى وضعهما في منطقة تخزين الحاويات التي تواجه مشاكل إدارية ريثما تتضح معلومات أخرى عن المستوردين.

وبينما أوضح المصدر أن إحدى الحاويتين وُضِعت بالقرب من مخزن يحتوي على وقود السفن، وأن الحاويتين انفجرتا فجأة بفارق ربع ساعة، مؤكداً ان إحداهما كانت تضم مادة نترات الأمونيوم، والأخرى الفسفور، وتم استيرادهما كمواد أولية لصناعة الأسمدة الزراعية ودخلتا بسفينة قادمة من شرق آسيا، رجح أن تكون عبوات زُرِعت داخل الحاويتين إلى جانب المواد الكيماوية.

وقال المصدر لـ «الجريدة» إن عناوين مستوردي الحاويتين وهمية وتم استيرادهما باسم أشخاص ليس لهم أي علاقة بالاستيراد، وتعرضوا لعمليات احتيال لإقناعهم بتسجيل الشحنات بأسمائهم.

وموضوع تسجيل عمليات الاستيراد بعناوين وهمية وأسماء أشخاص غير مرتبطين بالتجارة أمر شائع في إيران، حيث إن العديد من التجار يقومون بذلك تهرباً من الضرائب، خصوصاً عندما يقومون بتهريب البضائع الممنوع دخولها للبلاد مثل المشروبات الكحولية أو العطور. وبعد وصول هذه الحاويات المشبوهة إلى المرفأ تقوم مصلحة المرافئ عادة بوضعها في مكان بعيد عن الجمارك على أساس أن هوية المستوردين غير معلومة ويستطيع المهربون إدخالها ليلاً عبر دفع رشاوى لموظفي الجمارك أو للحراس.

ويقول المصدر إن الضربة في حال تأكد أنها عمل إسرائيلي ستعتبر اختراقاً أمنياً كبيراً، خصوصاً أن الأجهزة الأمنية الإيرانية كانت على أهبة الاستعداد تحسباً لعمل من تل أبيب للتأثير على المفاوضات النووية.

وأضاف أن كل التوقعات لدى الأجهزة الأمنية كانت محصورة في أهداف مثل المنشآت العسكرية أو النووية أو اغتيال شخصيات سياسية أو عسكرية أو علماء نوويين، وأن استهداف الميناء الأهم في إيران بهذا الشكل المشابه لما جرى في بيروت مع رمزية ذلك الانفجار يكشف قصوراً كبيراً لدى الأجهزة الأمنية.

وقال المصدر إنه خلال الأسبوع الماضي كانت هناك محاولتان لتفجير محطتين للوقود في إيران، وتم حرق محطة ثالثة في محافظة بندر عباس، لكن السلطات تكتمت على الحوادث باعتبارها حوادث تخريبية محدودة تقف جهات محلية وراءها على الأرجح.

وكانت معلومات متداولة بأن تكون شحنة من مادة «بيركلورات الصوديوم» مخزنة في ميناء رجائي هي سبب الانفجار. وفي يناير الماضي، تحدثت تقارير إعلامية عن دخول أكثر من ألف طن من هذه المادة إلى ميناء بندر عباس قادمة من الصين. وقال المصدر لـ «الجريدة» إن المواد ذات الاستخدام العسكري لا تخزن في الميناء عادة، ويتم الاحتفاظ بها في مخازن آمنة.