في مقالي السابق بينت بطلان القول بأن «الظلم بالسوية عدل في الرعية»، لأنه يخالف مبادئ الإسلام الحنيف والقانون في كل بلاد العالم، ولكن في نفس اليوم (الأحد الماضي) نشرت الصحف قرار وزارة الشؤون بالإيقاف المؤقت لجمع تبرعات كل الجمعيات واللجان الخيرية، ومنع جميع الندوات والأسواق الخيرية، وكذلك الإعلانات في وسائل التواصل والأماكن العامة إلا بموافقة أمنية، بالإضافة إلى تجميد حساباتها البنكية. وقالت الوزارة في بيانها إن «بعض الممارسات الفردية غير المسؤولة (قد) تسيء إلى الصورة الإنسانية المشرقة التي ترسخت في الكويت ومؤسساتها الخيرية»، فهل وجود شبهات في ممارسات فردية «قد تسيء حسب تعبير الشؤون» يؤدي إلى وقف جميع الجمعيات والأنشطة الخيرية؟! ولماذا لم تكشف «الشؤون» عن هذه الممارسات الفردية؟! وما الذي يمنع «الشؤون» من التحقق من أي ممارسة فردية مع استمرار العمل الخيري الخالي من الشبهات، خصوصاً أنها تملك جميع الأدوات الرقابية؟!
أين «الشؤون» من القاعدة الشرعية والقانونية التي تنص على أن «البينة على من ادعى»، وكذلك قاعدة «ألا يؤخذ البريء بجريرة المسيء»، فأوقفت الجميع في يوم العطلة الأسبوعية في الوقت الذي يباد أهل غزة جوعاً وعطشاً، مع انتظار الكثير من المسلمين في بقاع العالم الإغاثة الكويتية.
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها العمل الخيري لمثل هذا، فقد سمعنا اتهامات سابقة له بدعم الإرهاب وبغسل الأموال، خصوصاً من دول لها مواقف مضادة للعمل الإسلامي، لكن العمل الخيري الكويتي خرج منها نظيفاً ناصعاً بحمد الله، فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تم اتهام العمل الخيري أيضاً، فشكلت الحكومة لجنة برئاسة الوزير يوسف الإبراهيم وعضوية الوزراء المختصين، ووضعت ضوابط لجمع الأموال والتحويلات الخارجية عن طريق الجهات الحكومية المختصة كالبنوك ووزارة الخارجية وغيرها، فإذا خالف فرد أو أي لجنة هذه الضوابط فإنه يمكن رصد المخالفة بسهولة دون إيقاف الآخرين.
لقد رأيت بأم عيني جمع الأموال نقداً في المطارات والشوارع في الدول الغربية من قبل الجمعيات المسيحية والكنسية مثل «Salvation Army» وغيرها دون أي قيود أو اتهامات، أفلا يدل هذا على أن الغرب يتقصد المؤسسات الخيرية الإسلامية بعينها، وقد بسطت خيراتها في العالم وتصدت لتنصير المسلمين وصرفهم عن دينهم؟
على «الشؤون» وغيرها من الوزارات المختصة أن تُحكم الرقابة للتأكد من عدم مخالفة القوانين الخاصة بالعمل الخيري، وفي نفس الوقت عليها أن تفسح المجال للعمل النظيف الجاد دون تعطيل أو اتخاذ أي إجراءات معوقة له، وعليها أيضاً أن تدافع عنه أمام أي هجوم أو اتهام غير مبني على أسس شرعية أو قانونية.