في الوقت الذي ينتظر فيه المئات من خريجي كلية الحقوق الإعلان عن نتائج القبول في النيابة العامة، إلا أن هناك فئة من المتقدمين علموا مسبقاً بعدم قبولهم رغم اجتيازهم للمقابلات والاختبارات التحريرية نظراً لوجود أشقاء لهم في القضاء أو النيابة العامة.
ورغم سلامة الهدف من تلك الخطوة بعدم قبول إلا ابن واحد لأي عنصر في القضاء أو النيابة فإن ذلك في رأيي مخالف لأحكام الدستور والقانون والمنطق، وذلك لأن الدستور قرر أن الناس سواسية في الحقوق والواجبات، كما أكد مبدأ تكافؤ الفرص.
كما أن الإعلان المنشور من وزارة العدل عندما قررت فتح باب القبول في النيابة العامة لم يُشر إلى عدم جواز قبول أي من المتقدمين إذا كان له شقيق أو شقيقة في الجهات القضائية، سواء كان قاضياً أو عضواً في النيابة العامة.
والقبول في النيابة العامة اليوم لا يخضع إلى أهواء أو مجاملة، وإنما إلى جملة من الشرائط التي اعتمدتها اللجان المكلفة على مر سنوات العمل في عملية القبول، وفي كل عام تزيد معايير التشدد في عملية القبول للمتقدمين، ونتائج ذلك التشدد أبرزت عناصر فنية رائعة أثبتت أن عملية القبول، وإن شابها تشدد، إلا أنها حرصت في النهاية على اختيار المقبولين والمتميزين وأولت لها عناية كبيرة.
وبمثل ذلك التشدد في شروط القبول وإجراء المقابلات الشخصية أو التحريرية كان مردوده الوصول إلى قبول أفضل العناصر المتقدمة لتلك الوظيفة، والتي ستكون الطريق الوحيد لتولي الوظيفة القضائية.
وطالما كانت تلك المعايير متشددة في عملية القبول وحرص القائمون عليها على اختيار أفضل وأكفأ المتقدمين وأصحاب التحصيل العملي المرتفع، فلماذا يُحرم إذاً متقدم إلى النيابة لديه من التحصيل العلمي والتفوق في الدراسة الجامعية والتي اعتمد خلالها لأن تكون السبيل الوحيد إلى دخوله إلى تلك الوظيفة التي يحلم بها، من القبول؟!
ولماذا يُحرم منها بذريعة أن له أخاً أو أختاً سبق قبولها في النيابة لكفاءتها وعطائها وإخلاصها رغم أن ذلك لم يكن شرطاً سابقاً ومعلناً عند فتح باب التقديم على الرغم من أن كل الوظائف العامة في الدولة لم تقرر مثل هذا الشرط، بأن من لديه أخ في وزارة أو يعمل في هيئة أو مؤسسة عامة يُمنع الأخ الثاني أو أخته من التعيين فيها.
ومَن قال بأن التعيين في القضاء يقوم على نظام حصص حتى يتم الاكتفاء بتعيين ابن واحد لكل قاضٍ أو عضو نيابة؟! ويكتفى بهذا التعيين وكأنه نال حصته من ذلك التعيين ولا يُقبل ابن آخر له.
ولذلك فإن المنطق هو أن يُقبَل ابن القاضي أو ابن عضو النيابة طالما كان كفؤاً ومتفوقاً ومجتازاً لكل الاختبارات التحريرية والمقابلات، ويُرفَض كل متقدم لم يثبت حصوله على ذلك الأمر، ومن ثم فإني أدعو اللجنة المكلفة بعملية قبول المتقدمين في النيابة وكذلك السادة أعضاء مجلس القضاء إلى النظر في أمر قبول كل من يثبت كفاءته وتفوقه واجتيازه لكل الشروط، حتى ولو كان ذلك على حساب رفع أعداد المتقدمين، والتي أشارت الأنباء إلى ترشيح 129 متقدماً ولا مانع من رفع تلك الأعداد إلى 150 أو 200 متقدم، طالما أن التوجه هو تكويت القضاء، وطالما كانت هناك حاجات فعلية لضم أعداد في النيابة العامة لتتولى فيما بعد العمل في القضاء، وطالما ثبتت كفاءة كل المتقدمين.