دخلت التكنولوجيا كل بيت وأصبحت تتحكم في الكثير من تصرفاتنا وسلوكياتنا وتؤثر على قيمنا ونظرتنا للحياة! وللتكنولوجيا الحديثة تأثير على حياة البشر، ولا يستطيع الإنسان الآن أن يعيش بدون وسائط ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فقد دخلت هذه الوسائط والوسائل كل بيت ومدرسة ومؤسسة، وقد تعلق بها الطفل قبل الشاب والشابة، وسحرت المرأة العجوز، وعشقها الرجل الهرم! وبما أنني من النوع الأخير، والذي أضناه التقاعد الوظيفي المبكر فقد عشقت وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وكونت شبكة من الأصدقاء من خلال الشبكة العنكبوتية ودخلت العالم الرقمي Digital، وكثر متابعي وأصبحت نشطاً في وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة حيث أتبادل بعض المعلومات والأفكار والآراء مع بعض الناشطين الآخرين.
ومن خلال بريدي الإلكتروني أصبحت أتلقى العديد من الرسائل المحملة بعشرات الملايين من الدولارات تدعوني للمشاركة في اقتسام هذه الملايين التي في الغالب يرسلها أحد العاملين في إدارة التدقيق بأحد البنوك الإفريقية والتي يخبرني فيها بتوفر هذه الملايين بعد أن تُوفي مالكها الوحيد ولا يوجد وريث لها! فيعرض علي هذا الموظف عرضاً مغرياً باقتسامها شريطة أن أبعث له باسمي الكامل وعمري وموطني ورقم حسابي البنكي ورقم هاتفي!
وكنت في كل مرة تأتيني مثل هذه الرسائل المليونية المشبوهة أقوم بإلغائها مباشرة!
وفي ذات ليلة وقبل أن أخلد للنوم فتحت بريدي الإلكتروني ووجدت رسالة مليونية تعرض علي اقتسام مبلغ 15 مليون دولار ونظراً لعملي طوال ذلك اليوم وشعوري بالارهاق الشديد فقد غلبني النعاس ونمت ولم ألغِ هذه الرسالة المليونية! وأثناء نومي حلمت أن الجزء الخاص بي من المبلغ قد وصل حسابي البنكي وأصبحت مليونيراً! وأخذت أصرف مئات الآلاف من الدولارات على الكماليات من السلع والخدمات! وأصبحت من شلة «المهايطين» والمتفاخرين باقتناء الماركات العالمية المختلفة من السيارات والملابس والساعات والنظارات.
شعرت بالإحساس بقمة «شعور المهايطي» الخداع غير المسؤول! فقد كنت ألقي بعشرات ومئات الدولارات على المارة بالشارع وأنا داخل سيارتي الفاخرة ذات اللون البرونزي وذات النسخة الوحيدة في العالم وأثناء إلقائي مئات الدولارات على الناس وتزاحم المارة إذا بالسائق يغلق زجاج السيارة بشكل سريع ومفاجئ مما تسبب بانحشار أصابعي بين الزجاج وإطار النافذة! وأخذت أصرخ وأصرخ وصحوت من حلمي المليونيري!
السؤال، كيف يتم التعامل مع هذه الرسائل المليونية خاصة إذا وصلت لشاب ينتظر دوره في التوظيف بديوان الخدمة المدنية؟! أو وصلت لرجل يعاني من مشاكل الحياة الاقتصادية وأزمات مالية؟ أو وصلت لفتاة في مقتبل العمر تحب الحياة وتعشق شراء الماركات المختلفة من الملابس والأحذية والساعات والحقائب؟!
يحتاج الأمر لآراء المتخصصين في علم النفس والاجتماع والسياسة والقانون لتوعية وحماية المواطنين من سوء استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة واستغلال عصابات غسل الأموال للحاجة المادية والظروف الاقتصادية ونقص الوعي والجهل لبعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وجهلهم بالأساليب الإجرامية الملتوية التي تستخدمها شبكات غسل الأموال.
ودمتم سالمين