يُصادف اليوم 21 أبريل احتفال العالم باليوم العالمي للابتكار، وهو مناسبة تحتفل بها دول العالم لتسليط الضوء على أهمية الابتكار كقوة دافعة للتنمية المستدامة، وتعزيز الاقتصاد، وتطوير المجتمعات. وفي ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبحت الحاجة إلى الابتكار أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، ليس فقط على مستوى التقنيات، بل في أسلوب التفكير وحل المشكلات وصياغة الحلول وبناء السياسات المستقبلية.

ويُعرّف الابتكار بأنه القدرة على التفكير بطرق جديدة وإبداعية لإيجاد حلول غير تقليدية لمشكلات أو تحديات قائمة، أو تحسين ما هو موجود بطريقة تضيف قيمة. إنه عملية تجمع بين الإبداع والمعرفة والتطبيق العملي، ولا تقتصر على التكنولوجيا أو على قطاع معين بل تمتد لتشمل التعليم والصحة والاقتصاد والإدارة ومختلف نواحي الحياة اليومية.

Ad

تلعب ثقافة الابتكار دوراً محورياً في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتنويع مصادر الدخل. فالاقتصادات التي تستثمر في البحث والتطوير وتشجع على التفكير الريادي تُحقق معدلات أعلى من التنافسية والتقدم والاستدامة. وقد أصبحت الكثير من الدول تُدرج الابتكار ضمن خططها واستراتيجياتها الوطنية لما له من أثر مباشر على تنمية الموارد البشرية وإتاحة الفرصة لها للتفاعل والمشاركة في صنع التطوير وتحسين جودة الخدمات وزيادة الإنتاجية وزيادة القدرة على التكيف مع التحديات المستقبلية.

ولتحقيق تحول حقيقي نحو مجتمع مبتكر، من الضروري ترسيخ مفاهيم الابتكار في المراحل التعليمية المبكرة. فالتعليم يلعب دوراً أساسياً في بناء العقول القادرة على التفكير النقدي والإبداعي، ولذلك يجب إدراج مقررات دراسية تُنمي مهارات البحث والتفكير النقدي والتحليل والتصميم، وحل المشكلات عبر مختلف المراحل الدراسية. كما أن إشراك الطلبة في المشاريع العملية والتفاعلية والتحديات الإبداعية يعزز من روح الابتكار لديهم ويُعدّهم لمتطلبات المستقبل.

شهدت الكويت في السنوات الأخيرة تقدماً في دعم المبادرات الابتكارية عبر إنشاء عدد من المراكز المتخصصة التي توفر بيئة داعمة للأفكار المبدعة ومن أبرزها: مركز الابتكار في جامعة الكويت، الذي يشجع نشر ثقافة الإبداع والابتكار، ويشجع منتسبي الجامعة على تقديم المشاريع الابتكارية والريادية. مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع، التابع لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي، والذي يُعنى برعاية الموهوبين وتمكينهم من تحويل أفكارهم إلى واقع. مركز الابتكار في شركة Q8، الذي يُركز على تطوير حلول مستدامة في مجال الطاقة والصناعة النفطية.

ورغم هذه الجهود المشكورة، فإن المرحلة القادمة تتطلب إنشاء المزيد من مراكز الابتكار في الجامعات، والمعاهد البحثية، والمؤسسات الحكومية والمؤسسات التجارية والصناعية، لتكون حاضنات فكرية وعلمية تترجم الرؤى إلى إنجازات واقعية. وإن جود مثل هذه المراكز لا يساهم فقط في دعم المبتكرين، بل يعزز من تنافسية الكويت إقليمياً وعالمياً، ويدعم رؤية الدولة نحو اقتصاد قائم على المعرفة. وفي يوم الابتكار العالمي، نُدرك أن الاستثمار الحقيقي هو في العقول، وأن مستقبل الكويت يُصنع اليوم من خلال دعم الأفكار الخلاقة الجريئة، وتمكين الشباب وتوفير بيئة تُقدر التميز والتفكير الإبداعي. الابتكار ليس ترفاً بل هو حاجة، وليس خياراً بل ضرورة لتقدم المجتمع ولمواكبة المستقبل وصناعته.

*قسم دراسات المعلومات، جامعة الكويت