الإخوة في الإمارات العربية المتحدة أصدروا تعليمات تحظر على غير الإماراتيين التحدث باللهجة الإماراتية في الإعلام.

في رأيي، اللغة كائن حي، تتطور وتتغير وفقاً لتطور وتغير ظروف الناطقين بها، ومن ينطق بها هو نفسه يتغير ويتبدل، تتنوع معلوماته وتتوسع، وبالتالي تدخل عقليته كلمات وحتى أفكار هو بحاجة إلى كلمات جديدة للتعبير عنها.

Ad

الأشقاء في الإمارات سبقونا في اتخاذ التعليمات، لكن دعوات «صيانة» اللهجة الكويتية هنا سبقت الأشقاء في الإمارات بزمن. ومنذ سنوات وحتى الآن يجاهد من يزعم أنه «الكويتي» للحفاظ على اللهجة الكويتية والاعتراض، مثل الإخوة الإماراتيين وقبلهم، على من يعتقد أنه يسيء إليها أو ينتقص منها إن هو استخدم كلمات أو حروفاً غير مألوفة لديه.

أصلاً، حتى نحافظ على اللهجة الكويتية مطلوب أن «نحددها»، وأن نؤطرها، وأن نضع لها قاموساً موحداً، وهذا صعب ومستحيل أيضاً، لأنه ليس هناك ما يسمى باللهجة الكويتية الخالصة، فالكويتيون الأصليون، إن وجد مثل هذا التعبير، يستخدمون لهجات مختلفة، فلهجة أهل شرق تختلف عن لهجة أهل جبلة، ولهجة القروية وعريب دار تختلف عن الاثنين.

علماً بأن أهل شرق وأهل جبلة عيال عم كما أثبتت نتائج البصمة الوراثية.

إن محاولة «تثبيت» أو تحجير اللهجة الكويتية أو الإماراتية هي امتداد غير موفق لصيانة وحفظ اللغة العربية الفصحى.

والذين «حجروا» اللغة العربية ومنعوا تطويرها فعلوا ذلك بوصفها لغة القرآن وأن من الضروري الحفاظ عليها من أجل حفظ وتلاوة القرآن. وهذا أمر مفهوم وربما ضروري... ولكن ما هو عذر أو حجة تحجير اللهجة الكويتية!

والواقع أن تثبيت أو تحجير اللغة العربية أدى أيضاً إلى تثبيت الفكر وتقليص إمكانات الفهم والتعبير.

ولعل هذه هي المعضلة الأساسية في أزمة التطور العربي.

فنحن حتى نتطور المطلوب تحرير اللغة وفك ارتباطها القسري بالقرآن.

وهذا لن يعني التنكر للقرآن أو نسيانه، إذ ستبقى لغة القرآن كما الآن تُدرس وتعلم لمن يريد أن يقرأه ويفهمه.

إن اللغة كائن حي، تتطور وتتبدل بتطور مستخدميها وتنوع احتياجاتهم ووسائل عيشهم، بل إن الإنسان نفسه، أي من يستخدم اللغة، يتطور ويتغير تركيبه الفيزيائي والجيني، فإنسان اليوم ليس بحجم وشكل وفهم إنسان ما قبل التاريخ.

واللهجة مثل اللغة... كائن حي.