تمخضت جولة محادثات ثانية عقدت بين إيران والولايات المتحدة في روما أمس، عن تفاهمات إيجابية بين الجانبين لإطلاق مسار تقني وعقد جولة ثالثة في مسقط خلال أيام.

وأفاد مصدر في الخارجية الإيرانية «الجريدة» بأنه تم الاتفاق على الذهاب إلى المسار الفني بعد أن وافقت واشنطن على احتفاظ إيران ببرنامج نووي مدني مع إجراءات تفتيش قابلة للتحقق.

Ad

وأكد بيان للخارجية العمانية أن وزير خارجية السلطنة بدر البوسعيدي جمع الإيرانيين والأميركيين بمقر سفارة بلده في العاصمة الإيطالية، حيث توافق الجانبان الإيراني برئاسة وزير الخارجية عباس عراقجي والأميركي برئاسة مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف على الانتقال إلى المرحلة التالية من المباحثات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاق منصف دائم وملزم يضمن خلو إيران بالكامل من الأسلحة النووية ورفع العقوبات بالكامل عنها، مع الحفاظ على حقها في تطوير الطاقة الذرية للأغراض السلمية.

وأفاد بيان الخارجية العمانية بأن «الحوار والتواصل الواضح هما السبيل الوحيد لتحقيق تفاهم واتفاق موثوق به يخدم مصلحة جميع الأطراف على الصعيدين الإقليمي والدولي».

من جهته، صرح وزير الخارجية الإيراني بأن المفاوضات مع واشنطن في روما كانت بنّاءة واستمرت 4 ساعات، مضيفاً أنه من المقرر عقد مفاوضات فنية عبر فرق متخصصة في سلطنة عمان لوضع أطر عامة لاتفاق المرتقب.

وكشف عراقجي أن طهران وواشنطن اتفقتا على استئناف المحادثات التقنية على مستوى الخبراء الأربعاء المقبل بمسقط، قبل أن تعقد السبت جولة ثالثة من المفاوضات غير المباشرة مع ويتكوف في مسقط. وأفادت مصادر بأن أعضاء الوفدين الأميركي والإيراني تواجدوا في نفس الغرفة بمقر السفارة العمانية في روما، حيث تجرى المباحثات بشكل غير مباشر عبر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي ينقل الرسائل بين الجانبين.

وعقب انطلاق المباحثات بنحو ساعة تسربت أنباء أفادت بأن رئيس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي أوقفها لمدة 15 دقيقة، فيما تضاربت الأنباء حول السبب، إذ قالت بعض المصادر إن الجانب الإيراني لجأ إلى ذلك بعد شد وجذب رافق طرح رئيس الوفد الأميركي مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف قضايا غير نووية، فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن التوقف كان لأداء الصلاة.

وتحدثت مصادر لـ«بوليتكو» عن أجواء بنّاءة سادت الجولة الثانية من المحادثات، فيما أعلن التلفزيون الإيراني الرسمي أن الجولة الثالثة ستعقد خلال أيام قليلة، في ظل استعجال الرئيس دونالد ترامب جهود التوصل إلى اتفاق لنزع فتيل اقتراب طهران من امتلاك سلاح ذري.

بلا استسلام

وبينما، أكد علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، أن إيران ذهبت إلى روما «من أجل اتفاق متوازن، وليس الاستسلام»، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن مصادر أن واشنطن وافقت على تخصيب طهران اليورانيوم على أراضيها بنسبة 3.67% المنخفضة لأغراض سلمية، كما كان عليه الحال باتفاق عام 2015.

وبعد أن قلص خامنئي التوقعات بإمكانية التوصل إلى اتفاق سريع، بعد أن تكهن بعض المسؤولين الإيرانيين بإمكانية رفع العقوبات قريباً، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي الجولة الثانية من المباحثات بالتاريخية.

متابعة إسرائيلية

وفي وقت تتابع تل أبيب المباحثات عن كثب، وتشعر بالقلق لاحتمال توصل مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف إلى «اتفاق ضعيف» بشأن المسألة النووية الإيرانية، كشف مسؤول إسرائيلي أن الدولة العبرية تدرس شن هجوم معدل ومحدود على المنشآت الذرية الإيرانية.

وبعد تقرير أميركي عن إبلاغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن واشنطن غير مستعدة حالياً لدعم هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية، قال مسؤول إسرائيلي ومصدران مطلعان لـ«رويترز» إن إسرائيل لا تستبعد شن هجوم محدود على المنشآت الإيرانية، خلال الأشهر المقبلة، يتطلب دعماً أميركياً أقل.

وبحسب المصادر، سيكون الهجوم أصغر بكثير مما اقترحته الدولة العبرية في البداية.

وعلى مدار الأشهر الماضية، اقترحت إسرائيل على إدارة ترامب سلسلة من الخيارات لمهاجمة منشآت إيران، بعضها مخطط له أن يتم في غضون 3 أشهر.

وتقول المصادر إن الخطط تشمل مزيجاً من الغارات الجوية وعمليات للقوات الخاصة تتفاوت في شدتها، ومن المرجح أن تعوق قدرة طهران على استخدام برنامجها النووي لأغراض عسكرية لأشهر أو عام أو أكثر.

في هذه الأثناء، لفت الدبلوماسي الإسرائيلي مايكل هيرتسوغ، الذي استقال من منصبه كسفير لبلده بواشنطن في يناير الماضي، إلى أن السؤال الأهم حالياً هو: «ما الذي ستصر عليه الولايات المتحدة تحديداً؟ وما هو النموذج الذي ستتبعه كنتيجة دبلوماسية؟».

وأشار إلى أن إدارة ترامب قد تكون منفتحة على السماح بتخصيب منخفض طالما قدمت إيران تنازلاً غير مسبوق من جانبها، مثل فتح مواقعها النووية أمام المفتشين الأميركيين أو الترحيب بالمستثمرين الأميركيين، وقال إن «معظم الخبراء يعتقدون أن طهران ستحاول تمديد المحادثات لما بعد مهلة الشهرين التي منحها ترامب لإيجاد أرضية مشتركة لمفاوضات فنية شاملة، ولكن أيضاً لتجهيز جيشها للصراع إذا فشلت المفاوضات».

غير أن الأوساط العبرية تخشى بشكل كبير جداً من أن يتجه ترامب إلى اتفاق مرحلي مع إيران قبل زيارته المقررة للمنطقة، مايو المقبل، ما سيعني منع شن عملية عسكرية كانت تطمح حكومة نتنياهو بأن تتسبب في إسقاط النظام الإيراني وليس فقط تعطيل برنامج طهران النووي.

وفي حين أكد مسؤول إسرائيلي كبير لـ«رويترز» أنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن توجيه ضربة لإيران، حذر مسؤول أمني إيراني رفيع المستوى من أن طهران على علم بالمخططات العبرية، وأكد أن بلده سيرد بقوة وحزم على أي هجوم.

وأضاف المسؤول الإيراني لـ«رويترز»: «لدينا معلومات استخباراتية من مصادر موثوقة تفيد بأن إسرائيل تخطط لهجوم كبير على المواقع الذرية».

ووضع المسؤول الإيراني التحركات الإسرائيلية في خانة «عدم الرضا إزاء الجهود الدبلوماسية الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وأيضاً من منطلق حاجة نتنياهو لمثل هذه الخطوة كوسيلة للحفاظ على مستقبله السياسي».