قال وزير الخارجية عبدالله اليحيا، «إننا اليوم أكثر من أي وقت مضى نواجه تحديات إقليمية ودولية معقدة، تستدعي منا التنسيق الوثيق والتعاون الفعّال تجاه عدد من المسائل ذات الاهتمام المتبادل»، مشدداً على ضرورة تعزيز دور الشراكة الخليجية – الآسيوية الوسطى في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

جاء ذلك في كلمته، اليوم، خلال الاجتماع الوزاري المشترك الثالث للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، الذي استضافته الكويت.

Ad

وأضاف اليحيا أن هذا الاجتماع يمثل مرحلة مهمة في مسيرتنا المشتركة نحو بناء شراكة استراتيجية مستدامة تسهم في تحقيق الأمن، والاستقرار، والتنمية في منطقتنا والعالم.

وأكد أن هذا اللقاء الوزاري، يكتسب أهمية خاصة باعتباره فرصة حقيقية لتعزيز أطر التعاون الثنائي بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، وترسيخ مفهوم الشراكة متعددة الأبعاد التي تشمل التعاون السياسي، والاقتصادي، والثقافي، والأمني.

وشدد على «إرادتنا السياسية المشتركة نحو توسيع نطاق التعاون في جميع المجالات، لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية المشتركة التي تضمن مستقبلاً مزدهراً لشعوبنا».

نموذج مثمر

وبين أن العلاقات التاريخية بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى شهدت تطوراً ملحوظاً، وهي تُعد اليوم نموذجاً للتعاون المثمر في مجالات عدة، بدءاً من التجارة والاستثمار وصولاً إلى التبادل الثقافي والابتكار التكنولوجي.

وأوضح أن هذه العلاقات قامت على أسس صلبة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، التي أكد عليها الاجتماع الوزاري الأول للجانبين المنعقد في الرياض عام 2022، وأعقبها تأكيد القمة الثانية المنعقدة في جدة بتاريخ 19 يوليو 2023، التي أطلقت مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، ووضعنا خلالها خطة العمل المشتركة (2023-2027) التي جسدت خريطة طريق نحو تعزيز روابطنا في جميع المجالات.

مسيرة حافلة بالإنجازات

وأضاف اليحيا أن «اجتماعنا الوزاري اليوم هو استمرار لتلك المسيرة الحافلة بالإنجازات، ويعكس التزامنا الثابت بالعمل الجماعي لتطوير أوجه الشراكة الاستراتيجية بيننا»، مؤكداً أهمية التنفيذ الفعلي لخطة العمل المشتركة، وتعزيز الربط اللوجستي بين دولنا عبر مشاريع النقل والربط السككي، بما يسهم في تسهيل التبادل التجاري وتحقيق التنمية المستدامة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد اليحيا أهمية رفع مستوى التبادل التجاري والاستثماري بين دولنا، والعمل على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة بما فيها الطاقة المتجددة والمشاريع التي تسهم في تحقيق الاستدامة البيئية ومكافحة تغير المناخ، في ظل الالتزام المشترك نحو تحقيق الانتقال إلى اقتصاديات خضراء، وتعزيز الموارد الطبيعية بما يتوافق مع التزاماتنا الدولية في هذا المجال.

الأمن والاستقرار

وتابع: «أما في المجال الأمني، فإن الأمن والاستقرار يعدان ركيزتين أساسيتين في استراتيجيتنا المشتركة، وإننا نؤمن بأن تعزيز التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب والتصدي للتهديدات السيبرانية والجريمة المنظمة هي أولويات مشتركة تسهم في تحقيق الأمن الإقليمي والدولي، وفي هذا السياق، فإن تبادل الخبرات وتعزيز القدرات الأمنية بين دولنا سيُسهم بشكل كبير في مواجهة التحديات المتجددة، وضمان بيئة آمنة ومزدهرة لشعوبنا».

دعم فلسطين

وفيما يتعلق بالقضايا الإنسانية، أردف اليحيا «أننا نؤكد دعمنا الثابت لقضية فلسطين باعتبارها قضية مركزية، وندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات فعالة لوقف المعاناة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وحشد الجهود من أجل الوصول إلى حل عادل وشامل يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ويضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

سيادة سورية

وذكر أن الساحة السورية تشهد تطورات إيجابية في ظل استمرار الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار والحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها، بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.

وأشار إلى تواصل دول مجلس التعاون دعم سورية على جميع الصعد، وتقديم الدعم الإنساني والإغاثي والتنموي، مضيفاً: كما تؤكد دول المجلس أهمية الدفع بالمسار السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة، بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار ويحقق التوافق الوطني الذي يضع سورية على مسار التنمية والسلام الدائم.

قمة سمرقند

وقال: إننا نتطلع باهتمام كبير إلى عقد القمة المرتقبة الثانية بين قادة دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، التي ستُعقد في مدينة سمرقند في 5 مايو المقبل، باعتبارها محطة مهمة في تعزيز شراكتنا الاستراتيجية وفتح آفاق جديدة للتعاون في مختلف المجالات، مستطرداً: ونحن على يقين بأن هذه القمة ستكون نقطة تحول رئيسية نحو تعزيز التنسيق المستدام وتبادل الخبرات في كل المجالات، بما يحقق مصلحة شعوبنا ويسهم في تحقيق الطموحات والتطلعات المشتركة المنشودة.

وعبر اليحيا عن التزام دول مجلس التعاون بتعزيز العلاقات الثنائية بين المجلس ودول آسيا الوسطى، مؤكداً في الوقت ذاته مواصلتها لدعم هذه الشراكة الاستراتيجية بكل السبل الممكنة.

مخرجات القمة

من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي، إن هذا الاجتماع يأتي استكمالاً للجهود المبذولة لتعزيز الشراكة بين الجانبين، إذ شهدت علاقاتنا خلال الأعوام الماضية تطوراً ملحوظاً في مختلف المجالات.

وأضاف البديوي، في كلمته، خلال الاجتماع، أنه منذ القمة الأولى بين قادة دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى المنعقدة في يوليو 2023، في مدينة جدة، شهدنا تحركات ملموسة تعكس جدية الجانبين لترجمة مخرجات القمة إلى خطوات عملية، وفقاً لخطة العمل المشترك للفترة 2023-2027، التي تشمل مجالات حيوية مثل الحوار السياسي والأمني، والاقتصاد والتجارة والاستثمار، والتعليم، والصحة، والثقافة والإعلام، والشباب والرياضة.

وأشار إلى تبلور تنفيذ هذه الخطة من خلال الاجتماعات واللقاءات التنسيقية التي عززت التعاون بين الجانبين، وأسهمت في تحديد الأولويات المشتركة.

محاولات تهويد القدس

وتابع أن مجلس التعاون يجدد موقفه الرافض لمحاولات تهويد مساحات شاسعة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشريف، وطرد سكانها الفلسطينيين، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، مؤكداً أنها ممارسات تتعارض كلياً مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن، والرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية لعام 2004، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.

وأكد أن على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته، وممارسة ضغط حقيقي على سلطات الاحتلال للتراجع عن هذه السياسات الاستيطانية، داعياً دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين لتحقيق سلام شامل ومستدام في الشرق الأوسط.

دعم القضايا العربية والإسلامية

وثمن عالياً مواقف دول آسيا الوسطى الإيجابية خلال المحافل الدولية الكبرى، خصوصاً دعمها المستمر للقضايا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، كذلك الأزمات في اليمن وسورية.

وقال إن دول مجلس التعاون تؤمن بأهمية الاستمرار في هذا التنسيق والتشاور داخل المحافل الدولية، سواء في الجوانب السياسية أو الاقتصادية، لما له من أثر بالغ في تعزيز قدرة العالم الإسلامي على التصدي للتحديات المعاصرة برؤية موحدة وعزم مشترك.

ولفت البديوي إلى أن حجم التبادل التجاري السلعي بين دول مجلس التعاون وآسيا الوسطى، بلغ نحو 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى تدفقات الاستثمار، والتي نتطلع إلى الارتقاء بها إلى مستويات أعلى بشكل مستدام خلال الأعوام القادمة، من خلال تنفيذ خطة العمل المشترك، وتوجيهات القيادة الحكيمة لدولنا.

سعيدوف: نهج الكويت قائم على الحوار وحسن الجوار

أشاد وزير خارجية أوزبكستان، بختيار سعيدوف، بسياسة دولة الكويت الفعالة خلال رئاستها للدورة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، مؤكداً أن نهج الكويت القائم على الحوار البناء، وحسن الجوار والتكامل الإقليمي يتماشى تماماً مع سياسة أوزبكستان.

وأكد سعيدوف في افتتاح الاجتماع على الأهمية التاريخية للحوار القائم بين آسيا الوسطى ودول الخليج، لافتاً إلى أن تعزيز التعاون بينهما بات ضرورة استراتيجية في ظل التحولات الجيوسياسية والتحديات العالمية المتسارعة.

وأوضح أن المنطقتين تتمتعان بإمكانات اقتصادية وثقافية وجغرافية تكاملية من شأنها أن تؤسس لشراكة استراتيجية راسخة.

وأعلن أن رئيس بلاده بادر باستضافة القمة القادمة للحوار الاستراتيجي في مدينة سمرقند، بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون والدول الأعضاء، إذ تقرر عقدها في الخامس من مايو المقبل.

وأضاف أن الاجتماعات التحضيرية بدأت بالفعل وكان آخرها اجتماع كبار المسؤولين في طشقند الذي ناقش تفاصيل جدول أعمال القمة بما في ذلك (إعلان سمرقند) حول العداء والتواصل الإقليمي والتعاون، بالإضافة إلى البيان المشترك المتوقع اعتماده.

وذكر أن قمة سمرقند ستكون محطة مفصلية لتعميق التعاون بين المنطقتين وفتح آفاق جديدة من الشراكة، معربا عن شكره وتقديره لوزير الخارجية الكويتي، والأمانة العامة لمجلس التعاون، وجميع الدول المشاركة على الدعم المتواصل لإنجاح القمة.

وأكد أهمية الاجتماع الوزاري الحالي في تنسيق المقترحات، وضمان أعلى مستويات التحضير للقمة، معبرا عن ثقته بأن اللقاء سيؤتي ثماره في تعزيز العمل المشترك، وتحقيق تطلعات قادة الدول المشاركة.