نشرت معظم الصحف اليومية ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في 29 يناير 2025 خبر تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بوزارة التربية، حيث ورد العديد من الملاحظات والمعلومات المتكررة لوزير التربية الدكتور جلال الطبطبائي عن وجود مديونيات متراكمة على موظفين حاليين وسابقين في الوزارة، وبناء على ذلك، فقد قام الوزير بتوجيه فريق التفتيش والتدقيق التابع لمكتبه للتحقق من مدى دقة وصحة هذه المعلومات وإعداد تقرير عنها.

وقد أسفرت الزيارات الميدانية وعمليات المتابعة والتدقيق التي قام بها الفريق المكلف، بالتعاون مع مدير الإدارة المالية بالوزارة، عن اكتشاف تجاوز صارخ للأنظمة واللوائح الإدارية والمالية تتمثل في وجود أكثر من 100 ألف قرار إداري غير منفذ، ترتب عليها التزامات مالية كبيرة لم تُحصّلها الوزارة في السنوات الماضية.

Ad

وتأسيساً على ذلك، فقد أصدر الوزير قراراً بتشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في أسباب عدم تنفيذ آلاف القرارات الإدارية المتراكمة ذات الأثر المالي الكبير، وقد أوكل للجنة تقصي الحقائق مهام منها:

1- حصر القرارات الإدارية ذات الأثر المالي.

2- التأكد من استلام إدارة الشؤون المالية لهذه القرارات.

3- الاطلاع على السجلات والدفاتر المالية والإدارية.

4- استدعاء الموظفين المختصين والتحقيق معهم لتحديد مسؤولياتهم عن عدم تنفيذ القرارات.

5- وضع نظام لمباشرة أعمال اللجنة.

6- رفع توصيات ونتائج تحقيقات اللجنة إلى الوزير لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.

وقد أعطيت اللجنة صلاحية الاستعانة بخبراء من داخل الوزارة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

وأكد الدكتور الطبطبائي أن الوزارة ستتخذ كل الإجراءات القانونية بحق من يثبت تقصيره أو تورطه في تجاوزات إدارية ومالية، بما في ذلك إحالة الملف إلى النيابة العامة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لاسترداد جميع الأموال، وفقاً للأطر القانونية والإدارية المعتمدة، ولتفادي تكرار مثل هذه المخالفات مستقبلاً، داعياً جميع العاملين بالوزارة إلى التعاون والمحافظة على حقوق الموظفين المالية، وصون مدخرات الدولة، والحد من الهدر المالي، مؤكداً التزامه بتطبيق مبادئ الشفافية والمحاسبة على الجميع، لضمان النزاهة والعدالة في المساءلة، مع التركيز على حوكمة الإجراءات الإدارية والمالية، وإصلاح المنظومة الإدارية والمالية، وتعزيز كفاءة العمليات الداخلية لحماية المال العام، واتخاذ القرارات الصارمة لضمان التزام الجميع بالمعايير المهنية والأخلاقية، وضبط آليات العمل في الوزارة، والمحافظة على حقوق العاملين المالية، تحقيقاً للاستدامة المالية، بما يخدم المصالح العامة للدولة، ويحقق الشفافية والعدالة.

وحسناً فعل الوزير الدكتور الطبطبائي بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، فقد دعوت وتطرقت في مقالات سابقة لأهمية تطبيق مبادئ ونظام الحوكمة Governance في الوزارات والهيئات والجهات الحكومية، وكذلك ضرورة قيام الجهات الرقابية الإدارية والمالية والقانونية بشكل دوري بمتابعة الأداء الحكومي في الوزارات والهيئات والجهات الحكومية، لكشف المخالفات الإدارية والمالية والقانونية، ولإرساء مبادئ الشفافية والمساءلة، وتعزيز النزاهة في الجهاز الحكومي.

وفي اعتقادنا أن هذه الممارسات والمخالفات الإدارية والمالية منتشرة في بعض الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وعليه أتمنى أن يحذو بقية الوزراء المحترمين حذو وزير التربية، لكشف المخالفات الإدارية والمالية، والقضاء على بؤر الفساد الإداري والمالي، والحد من الهدر في الإنفاق الحكومي، وتقليل العجز بالميزانية العامة للدولة، وتطبيق مبادئ الحوكمة بالجهاز الحكومي، وتحقيق الاستدامة المالية والتنمية الإدارية، وحفظ حقوق الدولة وحقوق الموظفين.

ودمتم سالمين