أجّلت الحكومة العرض المرئي الخاص بخطة عملها، ولم يصدر بيان مفصل عن سبب التأجيل، سوى ما أعلنه مركز التواصل من أن «التأجيل جاء في إطار الحرص على تقديم محتوى يعكس المستجدات ويواكب تطورات المرحلة ولمواءمة خطة العمل مع الأحداث الجارية». ويلاحظ أن إعلان مركز التواصل تحدث عن خطة عمل بينما كان المراقبون ينتظرون برنامج عمل لا خطة، وذلك حسب الدستور الذي ينص على أن تقدم الحكومة برنامجها فور تشكيلها، وقد مرت الآن سنة كاملة على تشكيلها، وكان يفترض أن يكون البرنامج قد استُكمل وتمت دراسته وفق المستجدات وتطورات المرحلة والأحداث الجارية كما قيل.

ويطالب كثير من المراقبين المتخصصين بأن يبتعد البرنامج عن الضغوط السياسية خصوصاً مع الغياب الحالي للتدخلات النيابية، وأن يكون استثنائياً، وألا يكرر البرامج السابقة، وإلا فسيكون مصيره مثل الخطط والبرامج السابقة.

Ad

إذا ألقينا نظرة على المستجدات والتطورات الأخيرة، حسب تعبير مركز التواصل، فسنجد أن الدخل المتوقع من النفط في الميزانية الجديدة التي بدأت في هذا الشهر هو 15 ملياراً و300 مليون دينار، بينما تشكل الرواتب 15 ملياراً و29 مليوناً، أي أن الرواتب وحدها تستهلك الدخل النفطي، كما مررت الحكومة قانون الاقتراض بقيمة 30 ملياراً دون أن تذكر المشروعات التي ستصرف عليها من هذا القرض، وكيف ستحقق إيرادات مالية جديدة؟ وكيف ستوفر فرص عمل للكويتيين الذين يتزايدون سنوياً؟ وهناك قلق من أن يتم صرف القرض في مصروفات جارية واستهلاكية.

ومن المستجدات أيضاً انخفاض أسعار النفط عالمياً بسبب حرب ترامب التجارية إلى أقل بكثير من سعر التعادل في الميزانية، وكذلك الارتفاع المتوقع في أسعار السلع المستوردة، وغيرها من المستجدات.

وأرى أن هناك معادلات عديدة تم التسليم بها حكمت أجواء العمل السياسي، وبرامج الحكومة المكررة في السابق أدت إلى اختلالات اقتصادية وتشوهات في سوق العمل واستنزاف الموارد المالية دون عائدات تنموية، ومن هذه المعادلات:

معادلة: أننا دولة غير محتاجة للإصلاح بسبب وفرة الدخل النفطي.

معادلة: الاعتماد على الدخل النفطي كمصدر شبه وحيد للدخل.

معادلة: أن الحكومة هي الموظف شبه الوحيد للأعداد الهائلة من الخريجين.

معادلة: أن الرواتب والمزايا والكوادر والإجازات الحكومية تتفوق على رواتب ومزايا القطاع الخاص.

معادلة: إحجام الكويتي عن العمل الفني واليدوي.

معادلة: محدودية قدرة القطاع الخاص بحجمه الحالي وطبيعة أعماله على استيعاب قوة العمل القادمة.

معادلة: إهمال العجز الاكتواري في التأمينات وإلقاء أحمال التقاعد المبكر الثقيلة عليها وإغراقها بالمعاشات الاعتبارية.

بالتأكيد لا تغيب خطورة هذه المعادلات عن الحكومة، ولا يجوز أن تترك برنامجها أسيراً لها مرة اخرى، لذلك فإن عليها أن تستعين بفريق اقتصادي ومالي متخصص للعمل على تغيير هذه المعادلات تدريجياً، عندئذ فقط يمكنها أن تقدم برنامجاً استثنائياً بخطة إصلاحية جديدة.