يبدو أن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قرر أن يترك المساعدة في التطوير جانباً، ويبدع في اختراع طرق جديدة لتقليل المتعة والإثارة في كرة القدم. والمسلسل مستمر! فبعد أن كانت الأندية الآسيوية تحلم بالفرص التي يتيحها الاتحاد لتطوير الكرة، وجدناه يبتكر «حلولاً» جديدة، مثل كأس التحدي للأندية. لكن ما هذه «التحديات» التي لا تواكب العصر؟

وإذا كنت من محبي كرة القدم وتتابع المسابقات الآسيوية، فبالتأكيد قد شعرت بمرارة الغياب التام لتقنية الفيديو المساعد (VAR) في كأس التحدي للأندية. ربما كان الاتحاد الآسيوي قد قرر أن كرة القدم وحكامه في القارة لا يحتاجون إلى هذه التقنية، لأنها ببساطة تضعهم في موقف محرج خصوصاً عندما يُكتشف أن قراراتهم غير دقيقة، أو لأننا «أي الآسيويين» نحن من سيقرر المصير في النهاية. بعد كل شيء، لماذا نحتاج إلى الدقة في التحكيم عندما يمكننا الاستمتاع بالقرارات العشوائية التي تضفي طابعاً «غير متوقع» على المباريات؟ ربما يُفترض بنا أن نعيش على حافة الهاوية في انتظار «الأخطاء التاريخية» التي قد تشهدها المباريات!

Ad

لكن يبدو أن الاتحاد الآسيوي لم يتوقف عند هذا الحد، بل قرر التعمق أكثر في «إبداعاته» عبر تصنيف المسابقات إلى مستويات مختلفة. فبدلاً من أن تكون جميع المسابقات فرصة للتطور والتنافس على أعلى المستويات، قرر الاتحاد أن يُنشئ دورياً أطلق عليه «دوري أبطال 2»، وهو نسخة مبتكرة ولكنها أقل إثارة، ربما تكون للمسابقات التي لا تصل إلى مستوى «النخبة». من الواضح أن الاتحاد الآسيوي يعشق هذه التصنيفات التي تذكرنا بالأيام التي كان فيها التعليم مقسماً إلى «طلاب ممتازين» و«طلاب آخرين»، كما لو أن الأندية بحاجة إلى مزيد من الهياكل التي تميز بين الفرق الجيدة جداً وتلك التي لا تستحق المنافسة مع الأبطال الحقيقيين.

وفي خطوة تُظهر إبداع الاتحاد الآسيوي في تقليد نظيره الأوروبي، «على نمط التقليد الآسيوي للماركات العالمية» قرر الاتحاد تبني شكل المسابقة والجدول الذي يظهر في دوري أبطال أوروبا. ولكن، وكالعادة، لم يكلف نفسه عناء التفكير في الحلول للمشكلة العالقة التي يعاني منها دوري الأبطال الآسيوي «تقسيم القارة إلى شرق وغرب». بدلاً من معالجة هذا العائق الدائم وتقديم حل يُمكّن الأندية من التنافس بشكل متوازن، اكتفى الاتحاد بتطبيق شكل الجدول «الأوروبي» دون تفكير عميق في تأثير هذا التقسيم الجغرافي. فجعل المنافسات منقسمة جغرافياً، مما يحرم الأندية من فرصة اللعب مع بعضها في وقت مبكر، ويجعل المسابقة تبدو كأنها بطولات مختلفة يتنافس فيها الشرق مع الشرق، والغرب مع الغرب، دون أي مزج حقيقي من بداية المسابقة.

في أوروبا، الأمور مختلفة تماماً فالاتحاد الأوروبي لكرة القدم يواصل دعم الأندية ومحاولات كسبها بكل الوسائل الممكنة ويعمل على تطوير كرة القدم، بداية من استخدام التقنية الحديثة مثل VAR، وصولاً إلى تحسين ظروف اللاعبين. لكن في آسيا، يبدو أن الهدف هو إخفاء المشاكل تحت ستار «المسابقات المنخفضة»، مع شعور دائم أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ.

وفي النهاية، تبقى الأسئلة المفتوحة: هل سيستمر الاتحاد الآسيوي في «ابتكار» هذه المسابقات المليئة بالعشوائية؟ وهل سيبقى تحكيمه عشوائياً؟ كرة القدم في آسيا تحتاج إلى نهضة حقيقية، ربما تبدأ بتفعيل التقنية وتوفير فرص عادلة للجميع. ولكن، لننتظر ونرَ!

بنلتي

القادسية والعربي يخوضان تحديين مصيريين خليجياً وآسيوياً والحضور الجماهيري خجول ولا يرتقي إلى أهمية وقيمة المباراتين والفريقين الكبيرين...لا تتشرهون على اللاعبين وتطالبون بنتائج وأنتو تبخلون بمساندتهم في الملعب وتشجعون من ورا شاشات التلفزيون.