العلم بلا أخلاق جهل، وسيئ الخلق مذكورٌ بالذكر القبيح، يمقته الله، عز وجل، ويُبغضه الرسول، صلى الله عليه وسلم، ويُبغضه الناس، على اختلاف مشاربهم، حتى إن الرسول قال في سيئ الخلق: «إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي يومَ القيامةِ أحاسنُكم أخلاقاً، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني أساوئكم أخلاقاً، الثَّرثارونَ المتشدِّقونَ المُتَفَيْهِقونَ، وإن أبغضكم إليَّ، وأبعدكم مني في الآخرة، أسوأكم أخلاقاً».
وقال حكيم عن سوء الخلق: العلم بلا أخلاق جهل، والمال بلا أخلاق فقر، والنجاح بلا أخلاق فشل. وذكر آخر: العلم بلا أخلاق كشجرة بلا أوراق. وقال الشاعر أحمد شوقي، الذي أتحفنا بكثير من قصائده الرائعة، حاثاً على التزام الخلق، وهو محقٌ في ذلك، إن الأمم تضيع عندما تضيِّع أخلاقها، وقد صدق في ذلك، فكم من أمم سادت ثم بادت عندما ضيَّعت أخلاقها، فضياع الأخلاق تضيع معه القيم والشرف، ويكثر الفساد، ويتفشى التزوير. أما مَنْ يملك الأخلاق، فلا يفعل تلك المحرَّمات والمنكرات، فقال شوقي في ذلك:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال ناصحاً:
وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا
شَريفَ السَّماعِ كَريمَ النَظَر
وَلا تَخلُ مِن عَمَلٍ فَوقَهُ
تَعِش غَيرَ عَبدٍ وَلا مُحتَقَر
وقال هذه الكلمات الرائعة:
صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ
وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ
وهناك كثير من الحضارات القديمة التي ذُكر بعضها في القرآن الكريم، وسُطِّر عن بعضها في كُتب التاريخ، حضارات سادت ثم بادت، بعد أن فسدت أخلاق حُكامها وشعوبها، فكانت أحد الأسباب الرئيسية في انهيارها، ومنهم قوم لوط، الذين تسبَّبوا في دمار سدوم وعمورة، وكذلك أفول نجم الإمبراطورية الرومانية ثم انهيارها عسكرياً، بسبب الفساد ومجون الطبقة الحاكمة الذي ألهاهم عن حُكم بلادهم.
الله سبحانه وتعالى حذَّر من فساد الأخلاق التي كانت سبباً في دمار أمم عظيمة، فقال: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ».
اللهم أبعد بلدنا وأمتنا عن الفساد والفاسدين، ومن التزوير والمزورين، ومن الراشين والمرتشين.