تواجه الرياضة النسائية في الكويت تحديات كبيرة، مما أدى إلى تراجع واضح في مستوى تطورها مقارنة بما كان أو يطمح له من المهتمين الحقيقيين، فرغم الاهتمام المتزايد بالرياضة في العالم، فإن الوضع في الكويت لا يزال يعاني من قلة الاهتمام الحكومي وقصور في الدعم اللوجستي والمادي، ولذلك فإن الظروف الراهنة تمثل تحديات كبيرة للرياضة النسائية في البلاد، بل وتؤثر سلباً على تطورها.

فالرياضة النسائية لم تجد الدعم الكافي من الجهات الحكومية، حيث لا تزال تعاني من الإهمال في كل الجوانب، سواء من حيث البنية التحتية أو توفير البرامج التدريبية الكافية للاعبات، ورغم محاولات فردية هنا وهناك فإن غياب الخطط الاستراتيجية الواضحة من الحكومة قد ساهم في تراجع هذا المجال بشكل ملحوظ. لا تقتصر هذه المشكلة على الدعم المالي فقط، بل تمتد أيضاً إلى غياب الاهتمام بتوفير المسابقات والدورات الجدية التي تتيح للنساء الفرصة لإظهار قدراتهن الرياضية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على مستويات المنافسة المحلية والدولية.

Ad

ومن الأسباب الرئيسية التي ساهمت في تراجع الرياضة النسائية كذلك خضوع الحكومات السابقة لرغبات التيارات الدينية وجماعات العادات والتقاليد «المفصلة بالمقاس»، فقد تم تفضيل كسب رضا هذه التيارات والجماعات الانتهازية على حساب تطوير الرياضة النسائية، مما جعل مسألة مشاركة النساء في الأنشطة الرياضية محاطة بالكثير من القيود والمعوقات. وبدلاً من توفير البيئة المناسبة للنمو والتطور، كنا نجد أن هناك محاولات دائمة لتقليص فرص المرأة في المجال الرياضي، مما انعكس سلباً على الإمكانات المتاحة للرياضيات الكويتيات في مختلف الألعاب.

ولابد أن نشير إلى أن من بين المشاكل الأخرى التي تسببت في تراجع الرياضة النسائية، ولعلها الأهم، هو تفرغ قيادات الأندية النسائية للصراعات السياسية والمناصب، على حساب تطوير الأداء الفني والرياضي. فبدلاً من أن تركز القيادات على تحسين البنية التحتية للأندية وتقديم التدريب الاحترافي، نجد أن جزءاً كبيراً من اهتمامهم يذهب نحو التنافس على المناصب والظهور الإعلامي. هذا التوجه يعوق أي تقدم حقيقي في تطوير الرياضة النسائية ويؤدي إلى تضاؤل الفرص أمام الكفاءات الحقيقية. مما يجعل العديد من الرياضيات الشابات يشعرن بالإحباط ويبتعدن عن المجال الرياضي.

وإذا كانت الرياضة النسائية في الكويت تعاني بشكل عام، فإن كرة القدم النسائية تعد أبرز مثال على هذا التراجع. فقد شهدت السنوات الأخيرة نتائج كارثية، لا سيما في المباريات الدولية ولعل من أبرز هذه النتائج، الهزيمة الثقيلة التي تعرض لها منتخب كرة القدم النسائي قبل أيام أمام المنتخب الفلسطيني بنتيجة 9 - 0، فهذه النتيجة ليست مجرد هزيمة عادية، بل تمثل قمة الإحباط بالنسبة للمشجعات والرياضيات على حد سواء. فالفريق الفلسطيني مع كامل الاحترام والتقدير له ليس من المنتخبات الكبرى في المنطقة، وبالتالي فإن هذه الخسارة تعكس الفجوة الكبيرة بين المنتخب النسوي والمنتخبات المنافسة الأخرى، وتدل على عدم الاستعداد الكافي من مسؤولي الكرة في الكويت وعدم الجاهزية الفنية وربما إسناد الأمر إلى غير أهله.

للأسف، التحديات المستقبلية كبيرة والوضع الحالي للرياضة النسائية في الكويت يتطلب الكثير من الإصلاحات الجذرية، بدءاً من تغيير النظرة التقليدية التي تحاصر النساء في الرياضة إلى تقديم دعم حقيقي من جانب الحكومة والجهات المعنية، كما يجب أن يكون هناك استثمار في توفير البنية التحتية وتطوير البرامج التدريبية، فضلاً عن تشجيع مشاركة المرأة في الألعاب الرياضية على مختلف مستوياتها. كما أن مواجهة الصراعات داخل الأندية النسائية والتركيز على الكفاءات الرياضية يعد أمراً ضرورياً لإعادة الثقة إلى الرياضة النسائية.

بنلتي

يبدو أن رياضتنا النسائية تسير على نفس الطريق الذي سلكته سيارات الأجرة في ذاك الزمان البعيد – بطيئة، غير منظمة، وأحياناً تختفي فجأة في منتصف الطريق. ففي حين يعتقد البعض أن الحل يكمن في «إعطاء فرصة» للرياضيات، يبدو أن البعض الآخر يعتقد أن الحل هو إشراكهن في مسابقات لم يُسمع بها من قبل، أو أن يتم منحهن حق اللعب فقط عندما تصبح كرة القدم أكثر «قبولاً دينياً واجتماعياً» في عيون البعض.

إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فلا يبدو أن هناك أي أمل في نهوض الرياضة النسائية في الكويت، وسيظل السؤال الكبير: هل من الممكن أن يكون لدينا منتخب نسائي «تنافسي» قبل أن نحصل على «نظام محلي حديث»؟ على ما يبدو، الإجابة ستكون دائماً: «قد نرى ذلك، ولكن ليس في هذا القرن!».