اتصالات التهنئة بعيد رمضان، التي حرص الرئيس الإيراني على إجرائها مع قادة دول الخليج العربي، تأكيد واضح على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى إلى السلام والتعايش مع الدول المجاورة، وتبيِّن حرص إيران على استتباب السلام والأمن في المنطقة، ورغبتها الجادة في تجنب الاضطرابات والأحداث المهلكة التي يسعى البعض إلى إشعالها في الشرق الأوسط.
ورغم أن معظم الردود والاستجابة لهذه الاتصالات من زعماء المنطقة كانت روتينية، وفي حدود التواصل الاجتماعي المعروف، فإن رد صاحب السمو أمير البلاد بالذات تميَّز بالاختلاف، وتجاوز في الواقع العبارات والكلمات العادية التي تتداول بهذه المناسبة. إذ حرص صاحب السمو على التذكير بالعلاقات التاريخية التي تربط الجمهورية الإيرانية ودولة الكويت، وأكد حرص الكويت على تعزيز وتنمية هذه العلاقات.
أعتقد أن هذه إشارة بالغة الدلالة على أن الكويت، وربما معها دول المنطقة جميعاً، ستنأى بنفسها عن أي اعتداء أو «تأديب» تنوي بعض القوى الدولية ارتكابه بحق الجمهورية الإيرانية، وأنها لن تشارك بأي صورة من الصور في العدوان الذي دأبت على التهديد به الولايات المتحدة بالذات. وبالتالي، فإن القواعد الأميركية في المنطقة هي لأمن وسلامة أهلها، وليس لاستهداف هذا الطرف أو ذاك.
بل يبدو جلياً من حرص الديوان الأميري على تعميم ونشر التمنيات والتهاني، وما صاحبها من تأكيدات على متانة العلاقات، والجدية في احترام السلام والأمن، والرغبة الصادقة في تعزيز التعاون، يبدو كل هذا إشارة واضحة لبعض الأطراف بأن دولة الكويت لن تكون طرفاً في أي عمل عدواني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الرئيس الإيراني يبدو أنه نجح فيما حرص عليه، من تطمين وكسب ثقة قادة شعوب المنطقة، وأن رسالته في تأكيد سلمية إيران واحترامها لأمن واستقلالية شعوب المنطقة، قد وصلت واضحة وجلية.
كل هذا يجعل التهديدات، وحتى الوعود التي قطعتها على نفسها بعض الدول في تحييد إيران وإرغامها، صعبة إن لم يكن مستحيلة التنفيذ. وربما يفسر هذا نعومة اللهجة الأميركية بهذا الخصوص، وانخفاض الشروط الأميركية للتفاوض مع إيران التي طبعت المواقف الأميركية في الأيام الماضية.