في واحدة من أكبر موجات النزوح الجماعي منذ اندلاع العدوان على غزة، فر مئات آلاف الفلسطينيين اليوم، مع تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط الأنقاض في مدينة رفح، التي أعلنتها ضمن نطاق «منطقة أمنية» وتعتزم السيطرة عليها.
وعقب ساعات من إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن تجزئة غزة والسيطرة على مساحات فيها للضغط على حركة حماس ودفعها لإطلاق سراح الرهائن، توغلت قواته في مدينة رفح الحدودية على الطرف الجنوبي الذي كان بمثابة الملاذ الأخير للنازحين من مناطق أخرى خلال الحرب.
وقال نتنياهو، في رسالة مصوّرة أمس، «انتقلنا إلى مرحلة جديدة في غزة، ونحن الآن نقطع أوصالها ونزيد الضغط». واضاف أن «الجيش يسيطر على أراضٍ، ويضرب الإرهابيين ويدمّر البنى التحتية ويقوم بإنشاء محور فيلادلفيا ثانٍ»، في إشارة إلى المحور الأمني على الحدود مع مصر، موضحاً أنه يتقدم لإنشاء المحور الجديد ليفصل مدينة رفح عن باقي مناطق القطاع، مع سيطرته حالياً على «محور موراغ»، وهو طريق يفصل محافظتي رفح وخان يونس عن الشمال، ويقع في موقع مستوطنة سابقة تحمل نفس الاسم وتم إخلاؤها خلال الانسحاب من غزة عام 2005.
وفيما أعلنت وزارة صحة غزة أن 97 على الأقل قتلوا خلال 24 ساعة، بينهم 20 في غارة على حي الشجاعية فجر اليوم، ومثلهم في مبنى يضم عيادة طبية تابعة لوكالة أونروا في مخيم جباليا، ندد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة توم فليتشر بـ«حرب بلا حدود» على غزة، مشيراً الى انتشال جثث 15 من المسعفين وعمال الطوارئ من مقبرة جماعية حي الرمال جنوب غزة، قتلتهم قوات الاحتلال أثناء محاولتهم إنقاذ أرواح ودفن جثثهم بالقرب من سيارات محطمة وعليها علامات واضحة (تدل على هويتها)».
وفي تطور داخلي، قالت «حماس» انها «لن تسمح لأي جهة كانت بإشاعة الفوضى أو أخذ القانون باليد» في تعليق على قيام عائلة ابوسمرة في دير البلح بقتل شرطي ينتمي إلى الحركة رداً على قتله ابنها بعد اتهامه بسرقة مساعدات.
وقالت حماس، في بيان إن مقتل الشرطي جريمة «تخدم الأهداف الصهيونية لكسر الجبهة الداخلية وإشاعة الفلتان والفساد».
وفي حادث آخر بمدينة غزة، اتهمت عائلة أخرى شرطة «حماس» بإطلاق النار على أحد أقاربها وقتله وتوعدت بالانتقام. قائلة: «نؤكد أن دم ابننا لن يضيع هدرا».
وأبرزت الاحتجاجات المتواصلة استعداد البعض للتعبير عن انتقاداتهم للحركة أو التحرك ضدها. وتظاهر المئات أمس في بلدة بيت لاهيا مرددين هتافات «بره بره يا حماس» و«بيكفي موت» في احتجاجات متجددة ضد الحركة.
نتنياهو وأوربان
دولياً، استقبلت المجر رئيس حكومة الاحتلال بالانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية لتجنب تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه في 21 نوفمبر2024 مع وزير دفاعه السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية في غزة.
وغداة وصول نتنياهو إلى بودابست، أعلن مكتب رئيس الوزراء فيكتور أوربان أن «المجر تغادر المحكمة الجنائية الدولية. وستشرع في إجراءات الانسحاب وفقاً للإطار الدولي القانوني المعمول به».
وقال نتنياهو، في مؤتمر صحافي مع أوربان، «لقد اتخذتم قرارا شجاعاً ومبدئياً، وأنا أشكركم، هذا مهم لكل الديموقراطيات. من المهم التصدي لهذه المنظمة الفاسدة التي توجه أحكامها ضدنا وليس المتسببين في الحرب».
وفيما أثارت زيارة نتنياهو الخارجية الأولى لدولة عضو بالمحكمة والثانية بعد واشنطن غضباً دولياً واتهامات بازدراء القانون الدولي، طالبت المحكمة الجنائية المجر بالتعاون لاعتقاله.
وندّدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بزيارة نتنياهو، التي ستستمر 5 أيام إلى المجر، وقالت في اجتماع لوزراء خارجية حلف الناتو، «هذا يوم سيئ للقانون الجنائي الدولي، لقد قلت دائما بوضوح إنه لا أحد فوق القانون في أوروبا».