وانقضى الشهر الفضيل الذي سادت أيامه أجواء العبادة والألفة واللحمة والتجمعات واللقاءات والزيارات التي قربت المسافات بين الفرقاء، وقصرت الطرق لتمهدها من كل العقبات بين البعض لأسباب ساهمت في تجميد القلوب، ولكن هذا الشهر الفضيل أذاب كل شيء وحرك المياه الراكدة لتتحول إلى بهجة وسعادة، نتمنى أن تتواصل في الأشهر القادمة خصوصاً أننا سنحتفل بعيد الفطر السعيد أعاده المولى عز وجل على الجميع باليمن والبركات، وهو فرصة أيضا لاستكمال هذه الألفة ومد جسور التواصل دون الالتفات لما يحمله الماضي من تراكمات خلفت «الزعل» وغيره من الآهات التي تعتصر لها القلوب لأمور عند التوقف عندها نجدها مجرد مواقف يمكن تجاوزها بدلاً من الوقوف عند كل حدث وتحويره وتحويله إلى أزمة تعصف بين البعض، لنحمي الأشياء الجميلة والذكريات اللطيفة وكل السمات والصفات التي يمتاز بها أحد المتخاصمين لتتحول إلى سواد يلوح في الأجواء رغم أنها لا تستدعي كل ذلك.
فما أجمل الأنقياء والمتسامحين وذوي القلوب البيضاء التي لا تحمل الضغينة بقدر ما تفتح الآفاق لتحتضن الجميع بكل نقاء وصفاء ومودة، وهذا ما جبلنا عليه في تعاليم ديننا الإسلامي الذي يدعو لذلك ويشدد ويؤكد على الصفات الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها المؤمن، فضلاً عن عاداتنا وتقاليدنا التي تنادي دائماً بفتح القلوب واتساعها للجميع والتسامح وعدم إثارة الخلافات والنعرات وغيرها من الشوائب التي تتسبب في تصدع الجدران ورسم الصورة الحزينة التي تساهم في إصابة البعض بالكآبة والاكتئاب نتيجة الأحداث المتكررة والصدمات والصراعات وعدم استقرار الأمور، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأمور تافهة لا تتطلب أن تشتد معها الرياح لتعصف بكل من حولها بسبب موقف غاضب أو حاقد أو حتى كلمة تكون نهايتها الندم.
إن العبادة والتسامح والألفة والمحبة وغيرها من الأمور الجميلة التي شهدناها في الشهر المبارك يجب ألا تتوقف عند حدوده، بل يجب أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا حتى نعيش في راحة واستقرار، فمن جمالية الأخلاق التسامح والصمت أحيانا أمام ثرثرة الآخرين لتجاوز من يسعون لإثارة الخلافات وتجاوز صغائر الأمور وعدم الالتفات للأصوات النشاز التي تعمل على خلق الصراعات وتعكير الأجواء لمن يعيشون في هدوء وسلام، لان هؤلاء المرضى يعتاشون على إثارة الفتن والمشاكل، فهذا الداء أصبح يلازمهم وينتقل معهم ولن يتخلصوا منه إلا بعد تطهير قلوبهم ومحو القسوة والسواد الذي يتربع فيها.
آخر السطر:
كل عام وأنتم بخير... وعيدكم مبارك وعساكم من عواده، والقادم أجمل وأفضل.