أدلى مسؤول أميركي كبير، مؤخراً، بتصريح مثير للاستغراب اقتصادياً، مفاده بأن صادرات الولايات المتحدة تخضع لأعلى رسوم جمركية في حالة الصادرات لدولة الكويت (واردات الكويت من الولايات المتحدة). وينحصر تعليقنا، هنا، على الجانب الاقتصادي فقط، واعتماداً على إحصاءات التجارة الخارجية لدولة الكويت، وسجل التعريفة الجمركية للدولة لدى منظمة التجارة العالمية.

فوفقاً لأحدث إحصاءات للتجارة الخارجية، استوردت الكويت العام 2023، حوالي 1020 مليون دينار من الولايات المتحدة (من إجمالي واردات بلغ 11489 مليون دينار)، أي بنسبة%8.8.

وارتفعت هذه الواردات، العام 2024، لتبلغ حوالي 1058 مليون دينار (من إجمالي واردات بلغ 11687 مليون دينار)، أي بنسبة%9 تقريباً.

Ad

وهذه القيمة للواردات ضئيلة جداً لا يترتب عليها عبء تعريفة جمركية جوهرياً بأي حال من الأحوال، في ظل قيم التجارة الخارجية العالمية الضخمة جداً، حتى ولو كانت التعريفة الجمركية، وفي ظل إفتراض خيالي، تبلغ%100.

وهذا بطبيعة الحال ليس الواقع، كما هو موثق تحت التزامات دولة الكويت ضمن جداول ربط تعريفاتها الجمركية Binding Tables مع شركائها التجاريين من الدول المختلفة. إن كل الدول الأعضاء، بمن فيها دولة الكويت، بمنظمة التجارة العالمية World Trade Organization (WTO)، منذ العمل بها أوائل العام 1995، ملتزمون بتعريفات جمركية تغطي كل خطوط التعريفة (أي فئات السلع المختلفة الخاضعة للتعريفة)، ناتجة عن مفاوضات طويلة مع أهم الشركاء التجاريين للدولة من مختلف الدول، بمن فيهم الولايات المتحدة.

وهذه التعريفات يطلق عليها بعد الاتفاق عليها، وإيداعها لدى المنظمة رسمياً، بالتعريفات المربوطة Tariffs Binding، ولا يجوز فرض تعريفة على الواردات من الشركاء التجاريين يفوق معدل التعريفة الجمركية المربوطة.

والتعريفة العملية، أي المطبقة فعليا، يطلق عليها تعريفة الدولة الأولى بالرعاية Most Favored Nation Tariff (MFN) والتي يجب أن تكون أقل أو مساوية للتعريفة المربوطة.

وبالعودة الى ملف التعريفة الجمركية Tariff Profile لعام 2024 الصادر من منظمة التجارة العالمية، يلاحظ بأن متوسط التعريفة الجمركية للدولة الأولى بالرعاية لدولة الكويت، العام 2023، هو%4.7، وللسلع الزراعية%5.4، وللسلع غير الزراعية 4.6.

كما أن نسبة تغطية السلع المشمولة بربط التعريفة Tariff Coverage وفقاً لالتزامات الدولة مع المنظمة هي حوالي%100 (%99.9). وبالتالي، وبناء على هذه المعلومات الموثقة، فمن الصعوبة قبول ما جاء على لسان هذا المسؤول، من الناحية الاقتصادية البحتة.

أما خيار رفع التعريفة، بحيث يفوق معدل الربط المتفق عليه مع الشركاء التجاريين، وبتوثيق من المنظمة، فإنه لا يجوز إلا بتفعيل عمل اتفاقيات أخرى للمنظمة، وبشكل خاص اتفاقية محاربة الإغراق Anti - Dumping. وذلك بعد تقديم شكوى دولة معينة للمنظمة ضد شريك متهم بممارسة إغراق لسوق الدولة الشاكية. وتقوم المنظمة بتشكيل لجنة فنية متخصصة للتحقق. وفي حالة ثبوت الإغراق يجوز للدولة الشاكية أن ترفع التعريفة على الواردات من الدولة الممارسة للإغراق، بحيث يكون الفارق بين التعريفة المربوطة والتعريفة الجديدة يغطي خسائر الإغراق. ولا توجد مثل هذه الحالة التجارية بين البلدين.