لستُ بصدد الحديث عن المُتطفلين على مهنة الإعلام ممن يتنطعون على بوابات هذه المهنة في الصحافة الإلكترونية والبث التلفازي والبود كاست ومواقع اليوتيوب وغير ذلك من وسائل التواصل، ولكنها وقفة قصيرة أمام نماذج من هؤلاء الدخلاء على أروع إنجازات الإنسانية.

***

مُتدكتر بقدرة قادر، صار إعلامياً بعد أن طرح نفسه كعسكري خاض حروباً، فأصبح خبيراً استراتيجياً ومحللاً سياسياً يُدلي بدلوهِ في توجهات السياسات العالمية، وتستضيفهُ القنوات كمفكر سياسي، استراتيجي، عسكري ومثقف كويتي، وواضحٌ من مفرداته الفقيرة التي يتوجه بها للقنوات التي تستضيفه أنها تتخذ أسلوباً استجدائياً شديد الرخص، لما يُسرف فيه من الثناء والمديح لدول معينة، وهذا النموذج يزعم أنه الأول في المنطقة!
Ad


***

ومقدم البرامج هذا يقدم نفسه «كمطرقة» وبالتالي فإنه يتعامل مع جميع من يتحدث إليهم «بالمسامير»، ولأنهُ يتسلح بتطعيم حواراته بأبياتٍ شعرية كان قد حفظها ويظن أنهُ يطرح هذا الأسلوب ليؤكد على فروسيته للكلمة، بينما هو لا يصل إلى الناس كفارس - كما يتصور - وإنما يؤكد مرض «مازوخيتهِ» التي تحقق غايتها عندما يتلقى هجوماً عدوانياً من الآخرين، كردود فعل على لهجته الوقحة، ولهذا فهو موضع ازدراء سامعيه ومشاهديه... وهو يفخر بذلك، ويُصر على أنهُ الأول في المنطقة!

***

وظاهرة طفيلية - قشرية الثقافة - من خلال بث تلفازي استخدمت فيه الكلام الذي يردده العوام في الأسواق والشوارع، عبر استغلال صراعات اجتماعية تحدث هنا وهناك لتضخيمها وإبرازها بأشكالٍ مثيرةٍ وفاقعة، وخصوصاً الأحداث الفنية والصراعات التي كانت تُثار في مجلس الأمة، وهذه الظاهرة التي انتهت إلى ما انتهت إليه، تُصر على أنها الأكثر رواجاً، وأنها الأولى في المنطقة.

***

وهناك بث تلفازي يُبث من الكويت، ولكن المتابع له يشعر أنه يبث من دولٍ أخرى، لأن مصالح صاحب الامتياز والمقدم قد ارتبطت بأكثر من جهة خارج الكويت وصار يستضيف شخصيات تفرض عليه من الخارج، وهذا أيضاً يزعم أنه الأول في المنطقة.

***

واستفحال هذه الظواهر الإعلامية الضحلة لا يعني أن صرح إعلام وطن النهار قد فقد بريقه الذي ازدهر منذ مطلع الستينات وكان مدرسةً تعلمت منها الأجيال الإعلامية الممثلة حالياً في صحافة راقية وقنوات تلفازية طموحة تواكب مفردات حياة الإنسان في المنطقة.